طفحت مياه المجاري وانتشرت روائحها الكريهة في أرجاء الحي الذي أقطن فيه فعطلت مصالح الناس وحالت دون وصول الناس إلى ضفة الشارع الأخرى.
انقسم أهل الحي تجاه تلك الأزمة المجتمعية إلى فريقين:
الغالبية العظمى من أهل الحي ارتدت لباس السلبية عدا ألسنة التنظير فتحركت ألسنتهم سباً وقدحاً في الحكومة وصبوا جام غضبهم على السلطة المحلية، دون أن يحركوا ساكن الإسهام الفاعل في وضع حد لتلك المأساة المتكررة التي نغصت على الناس حياتهم، وكدرت صفو عيشهم، وكانت سبباً في انتشار الأمراض والأوبئة، ثم رجعوا قافلين إلى الوراء بحثاً عن منفذ وسبيل آخر يجنبهم ويلات عبور تلك المجاري الطافية واستنشاق روائحها النتنة.
الفريق الآخر ممن تربى في محاضن الهم المجتمعي وارتدت عقليته أقمصة الإيجابية وأتقن فنون التفكير الجمعي أغلق فمه بأقفال الصمت الإيجابي، وأطلق العنان لجوارحه كي تسهم إسهاماً فاعلاً في وضع حد لتلك المعاناة ولو ببعدها المؤقت، فراح يبحث عن ألواح لكي يضعها فوق المجاري الطافية حتى يمكن الناس من العبور وقضاء حوائجهم، فمر الناس دون أن يغمروا إحسانه بمياه الشكر، ولم يطلقوا ألسنتهم لتقديم عبارات الامتنان.
*لم يتأفف من ذلك الإجحاف والجحود؛ لأنه أتقن فنون العطاء، والرجل المعطاء لا يجلس في زاوية الانتظار بحثاً عن عبارات الشكر والمكافأة الإنسانية.*
وعلاوة على ذلك ذهب وهو يجر أثواب المحبة والشعور الأخوي إلى إدارة البلدية كي يخبرهم بتلك المشكلة للبحث عن حل مستدام لتلك المأساة المجتمعية التي تفتك بالناس وتعرض صحتهم للخطر.
♦️العبرة: هكذا هم أصحاب العقليات الإيجابية والمبادرة لا ينتظرون في زاوية السلبية حتى يطرق باب سؤالهم والاستغاثة بهم وإنما يقدمون العطاء على طبق الحب الإنساني ودون اكتراث بأي أثر سلبي يترتب على عدم تقدير ذلك الإحسان. فكن في قافلة المبادرين وإياك والاصطفاف في معسكر السلبيين، وقد قيل” أن توقد شمعة أفضل من أن تلعن الظلام”.*