لأبد من دولة الجنوب وإن طالت مواكب الشهداء

بقلم / نزيه مرياش

 

ضاقت بي الدنيا وأرتحلت إلى قمة جبل باصهيب وتنهدت وقلت :- لا تقلق يا وطننا الجنوب ، ستنال حريتك مهما طال الزمان، مهما ثناثرت المكائد والدسائس على رمالك، مهما خانتك وخذلتك مواثيق الأمم الخليجية والمتحدة، فأنت صاحب حق .

فإذا بصوتاً يطرق باب مسامعي ويهمس لي :- أعلم ذلك ياولدي، فأنا، نهاراً وليلاً، أطل من على شرفة منزلي لأرى أبنائي الجنوبيين الذين يلعبوا في حديقتي، فأرى منهم الشهداء الذين أضرحتهم في حديقتي مازالت تهتف « ثورة ثورة ياجنوب »، ومنهم الصالحين الذين مازالت مبادؤهم الجنوبية تُزين حديقتي، ومنهم الأشقياء الغشماء الذين ينثروا الشوك في حديقتي، ومنهم الغير غيورين الذين يروا ويسمعوا ولكن لا يتحركوا وكأنهم من كوكب أخر، ومنهم من يلعب مع أبناء الحدائق المجاورة، ومنهم من يستضيف أبناء الحدائق المجاورة ليعبثوا في حديقتي، ومنهم ومنهم …

 

وأكمل الوطن  حديثه وقال :- الأب يعلم مايكن في قلوب أبنائه لذلك مهما كانت الإنتماءات السياسية لبعض أبناء الجنوب، ومهما كانت مناصبهم مع شرعية الوحدة ومهما ومهما ومهما، ولكني أطمئنك ياولدي وأبشرك بأن الجنوبيين، عن بكرة أبيهم وبالذات هؤلاء، يتوقون لحرية وطنهم وأسترداد حقوقهم وإستقلال هويتهم، فلا يُعقل لأبن الجنوب أن يرضى على نفسه بأن يكون من الطبقة الثانية والثالثة وهو صاحب الأرض ! .

يا ولدي إن هدوء أبناء الجنوب هو الهدوء الذي يسبق العاصفة، فأبناء الجنوب سيصبروا، إلى حد الموت، على غلاء المعيشة وتردي الخدمات والإضطهاد الخارجي … إلخ، ولكن حين يشعروا أن حريتهم ستُقيد بسلاسل وحدة الهيمنة الشطرية ستجد بركان الثورة قد ثار ليقذف أبناء الجنوب كحمم تحرق أعداء حريتهم .

فهل يُعقل أن ينسى أبناء الجنوب قضيتهم التي نُزفت لأجلها دماء الألاف من الشهداء والجرحى الذين ضحوا بها في سبيل حرية شعبهم ؟ فهل يُعقل أن ينسى أبناء الجنوب الشهداء ( سالم قطن وجعفر محمد سعد وعلي ناصر هادي واحمد سيف وصالح الزنداني )؟ إستحالة أن يحدث ذلك، وأسألوا بريطانيا العظمى عن عظمة أبناء الجنوب التي قهرت عظمتها .

الجنوبيين مهما اختلفوا، فإن ظهور أي عدو يمثل لهم السبب الرئيسي في وحدتهم، والدليل على ذلك إتحاد جبهة التحرير والجبهة القومية ( الكفاح المسلح ) ضد بريطانيا، وأيضاً أنبثاق من صلب الجنوبيين حركة موج وحركة تاج وحركة جمعية المتقاعدين والحراك الجنوبي ضد ( وحدة الضم والإلحاق والهيمنة الشطرية )، وأخيراً وليس أخراً العدو الحوثي الذي وحد أبناء الست المحافظات الجنوبية لهزيمته وطرده من أرض الجنوب .

 

ياولدي نعلم جميعاً أن موقعي الإستراتيجي وثرواتي المتقوقعة في جوفي جعلت الأمم تتكالب عليكم، فصناع السياسية الخارجية للجنوب يعلمون أن اليوم إذا أعطوا أبناء الجنوب السلطة على الجنوب فغداً سيعلن الجنوبيين أن تلك الأمم مستعمرة، وبذلك ستنحرم هذه الأمم من ثرواتي ومن موقعي الإستراتيجي، لذلك فإن هذه الإمم ستمنح السلطة على الجنوب لطرف أخر الذي سينفذ مصالح هذه الأمم على أرض الجنوب في سبيل عدم إعطاء الجنوبيين حريتهم، علماً أن هذا النهج السياسي اللئيم قد مارسه عفاش الذي قايض بقاء الوحدة الظالمة بتنفيذ وإستمرار مصالح هذه الأمم على أرض الجنوب، وذلك عبر تجميد تطور ميناء عدن والسماح لشركات هذه الإمم أن تستثمر في ثرواتي برخص التراب، وأيضاً منح جزر وأميال من الحدود الجنوبية لهذه الأمم التي تهدد عفاش بإنفصال الجنوب عن الشمال في حالة عصى لهم طلباتهم ومصالحهم .

واليوم تريد هذه الأمم أن تعيد هذا النهج السياسي ولكنها تتجاهل هذه المسلمة :- فمثل أن شروق وغروب الشمس لن يغيره إلا يوم القيامة، فإن ثورة الجنوب لن تتوقف حتى ينال أبناؤها حرية أجيالهم حتى لو طال نضالهم إلى يوم القيامة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى