الجيش السوداني يشن غارات جوية على قوات حميدتي.. ويبسط نفوذه على القصر الجمهوري و«قيادة الجيش»
العاصفة نيوز: السودان

استمرت الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم التي اندلعت صباح اليوم. وشنت القوات المسلحة السودانية غارات جوية على معسكرات لقوات الدعم السريع -شبه العسكرية- واعتقال عناصرها من المناطق التي قالت إنها سيطرت عليها صباح اليوم.
وانتشرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، تحلق بها طائرات مقاتلة على ارتفاع منخفض فوق العاصمة الخرطوم.
وعقب إعلان الجيش، ظهر قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، على قناة «الجزيرة»، ودعا عناصر الجيش للانضمام لقواته، في معركتهم ضد قائد القوات المسلحة ورئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، وأعوانه، «المجرمين» على حد وصف حميدتي.
وجرت الاشتباكات في محيط القيادة العامة، مقر سكن قائدي الجيش والدعم السريع، بجانب اشتباكات بالاسلحة الثقيلة داخل القاعدة الجوية بمدينة مروي شمالي السودان.
ومنذ صباح اليوم، رصد مراسل «مدى مصر»، دوي إطلاق نار جنوبي العاصمة الخرطوم في مقر لقوات الدعم السريع بأرض المعسكرات وحوله، وشوهد الدخان المتصاعد منه.
ونقل شهود لـ«مدى مصر» انتقال الإشتباكات بين الجانبين إلى مقر القيادة العامة للجيش، مقر سكن قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بجانب سماع دوي إطلاق نار شرقي الخرطوم وفي مدينة بحري.
وأفاد شاهد عيان، أن قوات سلاح المدرعات جنوبي العاصمة نشرت دبابات في الشوارع المحيطة بمقر السلاح.
وتبادل الطرفان الاتهامات، وقالت قوات الدعم السريع في بيان إنها تفاجأت صباح اليوم، بقوة كبيرة من القوات المسلحة تدخل إلى مقر وجود القوات في أرض المعسكرات سوبا بالخرطوم، وحاصرت القوات الموجودة هناك، ثم هاجمته بكافة أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة.
وأشار البيان إلى أنه إزاء هذا الاعتداء توضح قيادة الدعم السريع أنها أجرت اتصالات مع كل من الآلية الرباعية ومجموعة الوساطة ممثلة في مالك عقار ومني اركو مناوي وجبريل إبراهيم وأطلعتهم على الأمر.
وعلى الجانب الآخر، أصدر مكتب الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني بيانًا مقتضبًا يتهم فيه «الدعم السريع» بـ«الغدر والخيانة»، مضيفًا: «في مواصلة لمسيرتها في الغدر والخيانة حاولت قوات الدعم السريع مهاجمة قواتنا في المدينة الرياضية ومواقع أخرى». وأفاد البيان: «تتصدى لها قواتنا المسلحة.. الله اكبر والعزة لوطننا الغالي».
وصرح البرهان لقناة «الجزيرة» بأن قوات الدعم السريع هي من هاجم مقرات الجيش في بيت الضيافة، وهو مقر إقامة رئيس مجلس السيادة، وعبّر عن دهشته من مهاجمة «الدعم السريع» لمنزله، مضيفًا أن قوات الدعم السريع تحرشت بالجيش في منطقة المدينة الرياضية جنوبي العاصمة الخرطوم، وهي التي انطلقت منها شرارة اشتباكات اليوم.
وأكد البرهان أنه لم يستطع أحد دخول القيادة العامة للجيش السوداني، وأن كافة المرافق الإستراتيجية من قيادة الجيش والقصر الجمهوري تحت السيطرة، وذلك ردا على إعلان قيادة «الدعم السريع» أنها سيطرت على بيت الضيافة والقصر الجمهوري ومطاري الخرطوم ومروي.
وبحسب البرهان، فإن قوات الدعم السريع تسللت إلى مطار الخرطوم وأحرقت بعض الطائرات، لكن القوات المسلحة تعاملت معها.
وزعمت قوات الدعم السريع صباح اليوم في حسابها على تويتر أنها سيطرت بالكامل على القصر الجمهوري وبيت الضيافة ومطارات الخرطوم ومروي والأبيض وعلى عدد من المواقع بالولايات، إلى جانب إلقاء القبض على قوة من الجيش السوداني.
وانتشرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر بها رجال مسلحون يرتدون أزياء عسكرية على مدارج مطار الخرطوم.
وكانت «الدعم السريع» نشرت، الثلاثاء الماضي، قواتها بالقرب من مطار مروي الاستراتيجي شمالي السودان. وتبعد مدينة مروي نحو 430 كيلو متر شمالي العاصمة السودانية، وتضم مطارًا به قاعدة جوية عسكرية للجيش، تشمل دفاعات جوية عن شمال ووسط وغرب وشرق السودان. وبحسب مصدر عسكري، لم تستجب قوات الدعم السريع لطلبات قيادة المنطقة العسكرية التابعة للجيش السوداني في المدينة بالانسحاب، وتمركزت في مساحة خالية مجاورة لمطار مروي.
وقال الجيش السوداني في بيان الخميس الماضي، إن «البلاد تمر بمنعطف تاريخي وخطير، وتزداد مخاطره بقيام قيادة قوات الدعم السريع بتحشيد القوات والانفتاح داخل العاصمة وبعض المدن».
ودفعت قوات الدعم السريع، بنفس اليوم، بعدد من المدرعات العسكرية إلى عدة مواقع في العاصمة الخرطوم بعد يومين من تحريكها من قاعدة الزُرق العسكرية التابعة لقوات الدعم السريع بولاية شمال دارفور.
ويعود التوتر المتصاعد بين الجانبين إلى مطالبة الجيش بدمج قوات الدعم السريع داخله بحسب ما نص عليه الاتفاق الإطاري الموقع بين المدنيين والعسكريين، والذي كان من المقرر أن تتشكل بموجبه حكومة مدنية في 11 أبريل الجاري، تنهى حالة استمرار العسكريين في السلطة، لكن هذا الأمر اصطدم بخلافات العسكريين حول جداول الدمج والقيادة الموحدة للقوات.
ــــــــــــ
⦿ مديرة صندوق النقد تتوقع نتائج جيدة للبرنامج المصري في سبتمبر.. وخبير اقتصادي: محاولة لتفادي وصول مصر لمرحلة الخطر
ــــــــــ
قالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، الخميس الماضي، إنها على ثقة من النتائج الجيدة لمراجعة الصندوق للبرنامج الاقتصادي المصري في سبتمبر المقبل، مشددة أنه في حال اتخذت مصر خطوات سريعة جدًا فقد يؤدي ذلك إلى عدم الاستقرار.
وبينما لم تعلن جورجيفا عن مصير المراجعة الأولى المقررة منذ 15 مارس الماضي، قال مسؤول بالصندوق لعدد من وسائل الإعلام، إن مصر والصندوق لم يتفقا بعد على موعد المراجعة الأولية.
التصريحات السابقة، اعتبرها الخبير الاقتصادي وائل النحاس تصريحات ناعمة ممزوجة بخطاب سياسي غرضه منح السلطة المصرية وخصوصًا البنك المركزي فرصة لالتقاط الأنفاس وتفادي الوصول إلى مرحلة الخطر، مشددًا لـ«مدى مصر» أن هذا لايعني تأجيل الإجراءات المنتظرة، وعلى رأسها تخفيض قيمة الجنيه مدة طويلة، ولكن معناه أن «الصندوق مش طالبه مننا بكرة الصبح»، حسب قوله.
وكان المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، وافق في ديسمبر الماضي على منح مصر قرضًا بقيمة ثلاثة مليارات دولار خلال السنوات الأربع المقبلة، مع صرف دفعة فورية قيمتها 347 مليون دولار، وذلك بعدما وافقت مصر على عدد من الإجراءات على رأسها التحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن، وتضمن الاتفاق صرف القرض في إطار برنامج يتضمن ثماني مراجعات، كان تاريخ أولها في 15 مارس الماضي.
وأوضح النحاس أن مديرة الصندوق كلامها فيه مرونة، وقال: «بالبلدي تقصد متدبحوش الناس مرة واحدة»، لافتًا إلى أن الصندوق يحاول عمل توازنات مع مصر في ظل تغير التوازنات السياسية في المنطقة، وقرب الخليج من الصين على حساب أمريكا وأوروبا وقبول بيع النفط باليوان بدلًا من الدولار، ورغبة البنك الأسيوي في التمدد، خوفًا من سحب البساط من تحت أقدامهم.
وأضاف الخبير الاقتصادي أن مسؤولي الصندوق تعمدوا خلال اجتماعات الربيع الأخيرة التخفيف من حدة انتقادهم لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، وتبنوا تصريحات مطمئنة مثل أنهم يدرسوا حالة 77 دولة لتحديد مدى قدرتهم على سداد المديونيات، وكأنه يقول «إحنا ممكن نعدم جزء من الديون».
وقالت مديرة الصندوق على هامش اجتماعات الربيع في واشنطن، إنه في حين اتفق الصندوق ومصر على «برنامج سليم»، مع ركائز تشمل تطبيق سعر صرف مرن للجنيه، وتعزيز دور القطاع الخاص، فإن وتيرة تنفيذ المشروعات المخطط لها «تمّ تصميمها في الأصل في ظلِّ ظروف مختلفة».
وأكدت: «لقد وصلنا في مصر إلى فهمٍ أعمق لمدى التعقيد، ليس على صعيد البيئة المحلية فحسب، وإنما الإقليمية والعالمية».
واستبعد الخبير الاقتصادي أن يتبع النهج الجديد الذي عبر عنه مسؤولي الصندوق مؤخرًا تأخير طويل في تنفيذ مطالب الصندوق، وخصوصًا تخفيض قيمة الجنيه المصري المرتقب، مضيفًا: «بدل ما كان قدامنا خمس أيام على الامتحانات بقى قدامنا 15 يوم».
وأكد النحاس أن خبراء الصندوق أيقنوا أن الشارع المصري لن يتحمل مزيد من التضخم، مشددًا على أن كل المؤشرات الاقتصادية المصرية الرسمية تؤكد أننا اقتربنا من مرحلة انفصال عربات القطار عن عربة المحرك.
وأوضح النحاس أن قرار البنك المركزي الأخير برفع سعر الفائدة هو بداية هذا الطريق، مضيفًا أن «المركزي» ضرب بنصائح الخبراء والمختصين بضرورة تثبيت سعر الفائدة عرض الحائط، في الوقت الذي التزمت البنوك بالنصائح، وردت على قرار «المركزي» بإصدار أوعية ادخارية لمدة 3 سنوات حتى لا تورد أموال الشهادات لـ«المركزي» وتحتفظ بأموال المودعين لديها.
وقال النحاس: «كل بنك خايف على أموال المودعين بتوعه لأنه هيتحاكم، ووقتها الكلام عن مجاملة البنك المركزي، مش هيكون له لازمة لأن الفلوس هتكون راحت».
وأشار النحاس إلى أن استمرار «المركزي» في رفع الفائدة وزيادة الدين الداخلي يدفع البلاد للإفلاس، مضيفًا: «دول الخليج اللي كانوا بيساعدونا، عندهم معدلات نمو صعبة، واعتمادنا الوحيد على سوق الدين وحده لن يفيد»، مشددًا على فشل البرنامج الاقتصادي المطبق منذ 2016 لعدم وجود فريق متجانس قادر على وضع استراتيجية واضحة لفرص مصر الاقتصادية والاستثمارية تراعي المستجدات السياسية.
ومن المقرر أن تحصل مصر على القرض في صورة دفعات متساوية ، أولها بقيمة 347 مليون دولار حصلت عليها في ديسمبر الماضي. وبدءًا من العام الجاري، ستكون الأقساط بنفس القيمة في مارس وسبتمبر من كل عام، فيما ستكون المراجعات نصف السنوية في يونيو وديسمبر، لتحصل مصر على إجمالي قيمة القرض في سبتمبر 2026، بعد ثماني مراجعات من الصندوق، آخرها في يونيو من نفس العام.
وخلال المفاوضات التي بدأت بين الصندوق والحكومة بداية العام الماضي، اتفقت مصر على عدة شروط، بناءً على وضع الاقتصاد المصري الحالي واختلالاته، التي أشار الصندوق إلى كونها موجودة بالفعل من قبل بداية الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، التي أظهرت فقط تلك الاختلالات المتراكمة، وبلورت ضغوطًا موجودة مسبقًا، من أهمها الاعتماد الكبير على استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصري لتمويل مشروعات حكومية، وكذلك اعتماد مصر على روسيا وأوكرانيا في السياحة وواردات القمح.
وتشير تقديرات خبراء الصندوق إلى أن «ديون مصر يمكن تحملها، ولكن ليس بقدر كبير، كما أن المخاطر الإجمالية للضغوط على السندات السيادية مرتفعة»، حيث يشغل عبء الفائدة حيزًا كبيرًا في الميزانية.
لذلك، ولدعم أهداف البرنامج الذي اتفقت مصر عليه مع الصندوق، تلتزم الحكومة المصرية بتخفيض النفقات وزيادة الدخل القومي، بالإضافة إلى تعديل سياسات نقدية ومالية عامة.
ومن جهة تقليل الإنفاق، يشمل ذلك إدارة تنفيذ مشاريع الاستثمار العام بطريقة تحقق الاتساق مع مزيج السياسات الكلية في ضمان استدامة الوضع الخارجي للاقتصاد المصري واستقراره، بما في ذلك إبطاء الإنفاق على المشاريع العامة للحد من الضغوط على سوق الصرف الأجنبي والتضخم.
بالإضافة لذلك، ستعتمد مصر على حشد تدفقات نقدية من شركائها الأجانب لسد الفجوة التمويلية المتبقية التي تقدر بحوالي 5.04 مليار دولار حتى نهاية يونيو القادم فقط. لذلك، تتوقع مصر سد هذه الفجوة عن طريق اقتراض 1.1 مليار دولار من البنك الدولي، و400 مليون دولار من البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، و300 مليون دولار من بنك التنمية الإفريقي، و300 مليون دولار أخرى من صندوق النقد العربي، ومليار دولار من بنك التنمية الصيني.
وبالإضافة إلى القروض، ستبيع مصر ما تصل قيمته إلى 2 مليار دولار من أصولها إلى مستثمرين أجانب، وبشكل خاص دول مجلس التعاون الخليجي، الذين تعهدوا أيضًا بعدم مطالبة مصر بودائعهم الموجودة في البنك المركزي المصري بقيمة تصل إلى 28 مليار دولار حتى سبتمبر 2026.
وخلال العام المالي القادم، ستبيع مصر أصول بقيمة 4.6 مليار دولار، يتبعها أصول بقيمة 1.8 مليار دولار في 2024-2025.