الشيخ رحيّم ..صاحب أكبر مذكرات يوميّة
.
سالم باسنبل*
هو الشيخ عبدالله بن حسين بن رحيّم بافضل ويعرف برحيّم..كاتب ومدوّن للوقائع والأحداث خاصة المحليٌة منها وصاحب أكبر مذكرات يوميّة.
و الشيخ رحيّم شخصيّة لامعة ونجم ساطع في مدينة تريم..فتراه كل يوم يسيرُ على قدميه في شوارع وأزقة المدينة ويتميّز بمظلته السوداء التي دائماً يحملها تقيه من أشعة وحرارة الشمس.. ويمشي بطريقته الهادئة مطمئناً راضٍ بمعيشته يكلّم الصغير والكبير في تواضع ويسألهم
عن أحوالهم وصحتهم.
فلم يقعده هذا أو ذاك بل شب تواقا إلى الكتابة والتدوين ويقوم بجهده المبذول في البحث عن الأخبار والمستجدات. فيجمعها في سجلات ويحفظها كوثائق هامة. يطوف ويشاهد ويسمع كأنّه سائح وغريب عن المدينة. ويجتاز المسافات الطوال بحثاً عن المستجدات والأخبار والمعلومات ويتطلع إليها بتلهفٍ كبير!.
فتلاحظه يقف موقف الفاحص المدقق ولاسيما أمام الأخبار والأحداث الهامة والخطيرة ليأخذ منها السند والدليل.. مثله مثل المنخل المدقق ليفصل النخالة عن الدقيق!
فعملية التدوين هواية أمتهنها لسنوات عديدة لأكثر من خمسة عقود لينفع بها الناس بكل سعة.
فتعتريه عزيمة ورغبة شديدة بالتوثيق وحب التدوين وتسجيل وقوع الأحداث مزمنة بالساعة واليوم والشهر والسنة حتى وصلت أعماله إلى سجلات ضخمة لايستهان بها.
ومن سماته أنّه أعجوبه في سرعة الحفظ ومعرفة الأحداث التاريخية! كتأريخ حدوث السيول والجراد والوباء والمجاعة وأيضاً الحرائق والأفراح والزواجات والمناسبات والإحتفالات
والمواليد والوفيات..الخ
فأكتسب شهرة كبيرة.. فجعلت الناس يأتون إليّه لتسجيل تواريخ ميلاد أولاد أبنائهم وتسجيل أمواتهم فيقوم بوظيفة ما يسمى اليوم ـ مكتب السجل المدني.
وحقيقة الأمر إنّ الشيخ رحيّم يعتبر مرجع في التدوين وتأريخ وقوع الأحداث.
فإذا ما التبس على الناس تأريخ حدث معين فتجده من السهل أن يجد تأريخه بسرعه ويحدده بدقة! وذلك لأرشيفه وفهرسته المنظمة.
وهذه الحقائق التي جمعها الشيخ رحيّم يمكن أن تساعد أي باحث اليوم لمعرفة حقيقة الواقع الذي كان يعيشه الإنسان خاصة في مدينة تريم في العقود الماضية والانطباع عن الماضي بعاداته وتقاليده وقيمه وأخلاقه العليا.
وتوفى رحمه الله في شهر مايو سنة 1980م بعد أن كرس عصاره جهده في العمل الميداني و ترك إرثاً تاريخياً وثراءً في التدوين وجهداً ليس بالبسيط.
وللأسف الشديد لم يقم من بعده أحد بتدوين الأحداث خاصة المحلية.
فثمة فرصة كبيرة اليوم إلى الباحثين عن التأريخ المحلي للإطلاع على مدونات ومذكرات وسجلات الشيخ رحيّم ونداء عاجل فيمن يرون في أنفسهم المقدرة في انقاذها حتى لاتكون في أدراج الرفوف وتأكلها الأرضة.. فالأمر يحتاج إلى تنقيحها وتهذيبها وتحقيقها وترجمة الفاظ لغتها العامية إلى الفصحى لأنها حتما ستفقد قيمتها وطرافتها متى عرضت على الغير الذي لايفهم اللهجة الدارجة ومن ثم طباعتها حتى يكون لهذا العمل والمجهود الذي قام به الشيخ رحيّم صداه وينتفع به القارئ والمهتم.
رحم الله الشيخ رحيّم بافضل.. ونسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته ورضوانه ويسكنه فسيح جناته وأن يجعل أعماله في ميزان حسناته..ويجزيه حسن المثوبة على ماقدمه لتراث أمته وقضاياها من خدمات جليلة.
📖📖📖
[ad_2]