وفود غامضة تجوب شوارع عدن.. هل باتت المدينة مسرحًا جديدًا للمؤامرات؟
هؤلاء الغرباء الذين أطلق عليهم البعض “المطاوعة”، يزعمون أنهم قدموا من الحبشة لنشر الدعوة الإسلامية في عدن، المدينة المعروفة بتنوعها الثقافي والديني منذ الأزل.
ما أثار الاستغراب والقلق هو أن هذه الوفود، التي يُقال إنها جاءت من صنعاء، مرت عبر نقاط التفتيش العسكرية دون أي مساءلة أو اعتراض. الأمر الذي جعل المواطنين يتساءلون بقلق: هل عدن بحاجة إلى دعوة جديدة للإسلام؟ وهل أهلها كافرون حتى يتطلب الأمر نشر الدعوة بينهم؟
تساؤلات مشروعة وإحباط شعبي
يستعرض الكاتب جلال السويسي حالة الغموض التي أحاطت بهذا المشهد غير المألوف، بينما كان السكان المحليون يتابعون الوفود الغريبة تمر بهدوء عبر المدينة، يتساءلون بصوت عالٍ: أين هي القيادات؟ ولماذا تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه التحركات الغريبة؟ فالمدينة التي كانت يومًا ما مركزًا للعلم والتنوير، تُترك الآن دون تفسير واضح لما يحدث داخلها.
ليس المشهد فقط ما أثار الريبة، بل أيضًا الصمت الرسمي تجاه ما يبدو تحركات ممنهجة.
يرى كثيرون أن غياب رد الفعل من القيادات العسكرية والمدنية هو أمر محير ويثير العديد من الشكوك، فكيف لمدينة تُعد إحدى أهم حواضر الجنوب أن تُترك لمثل هذه التحركات دون أي موقف واضح من الجهات المسؤولة؟
حكايات تتردد في المجالس
في المجالس العامة والخاصة، تتوالى القصص عن تلك الوفود القادمة من صنعاء، والتي تضم أشخاصًا من مختلف الجنسيات، يزعمون أنهم في طريقهم إلى عدن لنشر الدعوة الإسلامية.
البعض يتحدث عن خوف متزايد من هذه التحركات، بينما يرى آخرون أن الأمر قد يكون جزءًا من مخطط أكبر. هل هؤلاء بالفعل دعاة دينيون أم أنهم أداة سياسية جديدة تهدف إلى زعزعة استقرار الجنوب؟
أمام هذه التساؤلات، لا يزال المواطن العدني العادي يشعر بالقلق المتزايد، إذ إن هذه التحركات غير الطبيعية تأتي في ظل ظروف حساسة، حيث يعاني الجنوب من توترات سياسية وأمنية تهدد استقراره منذ فترة، لذا، يشك البعض في أن هذه الوفود الدينية هي في الواقع وسيلة لتحقيق أهداف سياسية تهدف إلى السيطرة على المدينة وإشعال فتيل الفوضى فيها.
مخطط أكبر.. أم دعوة بريئة؟
ما يحدث في عدن لا يمكن النظر إليه على أنه مجرد تحركات دينية عابرة، بالنظر إلى السياق السياسي العام، يبدو أن هذه التحركات جزء من لعبة أكبر تستهدف استقرار المدينة وربما الجنوب بأكمله.
التحركات القادمة من صنعاء لم تكن بريئة أبدًا، وهي ترتبط عادةً بأجندات سياسية تسعى للسيطرة على الجنوب بطرق متعددة، سواء من خلال القوة العسكرية أو الآن عبر “الدعوة الدينية”.
المسألة لم تعد مجرد تساؤل عن الدعوة الإسلامية في مدينة إسلامية أساسًا، بل تحولت إلى مخاوف حقيقية حول ما إذا كانت هذه التحركات تمثل تهديدًا للهوية الجنوبية وللنسيج الاجتماعي في عدن.
الجميع يعلم أن عدن عبر تاريخها الطويل كانت مدينة مفتوحة لجميع الثقافات والأديان، ولم تكن يومًا في حاجة إلى دعاة يأتون ليزرعوا الشك في قلوب أهلها.
أين القيادة الجنوبية؟
في ظل هذه الأجواء المقلقة، يبقى السؤال الذي يشغل بال المواطنين: أين هي القيادة الجنوبية من كل هذا؟ ولماذا لا تتحرك لحماية عدن من هذه التحركات الغامضة؟.
المشهد يبدو أكثر تعقيدًا مما يظهر على السطح، ويحتاج إلى إجابات سريعة وشفافة من الجهات المسؤولة.
يبدو أن عدن اليوم تواجه تحديات متعددة تتطلب من قياداتها وقفة جادة وتوضيحًا صريحًا لما يحدث، فترك الأمور على حالها يزيد من حالة الخوف والقلق بين المواطنين الذين يشعرون بأن مدينتهم تُترك لمصير مجهول دون حماية أو إشراف حقيقي.