صراع الهٌوية في اليمن هو سبب استمرار التخلف وإنتاج الصراعات ..
كتب/أ- د- فضل الربيعي
اشكالية الهُوية والانتماءات، كانت سبباً في ظهور كثير من الصراعات التي أدَّت وتؤدي إلى انقسامات اجتماعية عميقة، وصراعات سياسية واجتماعية متكررة في طوال التاريخ اليمني. وقد شهدت منطقة جنوب الجزيرة العربية قبل ظهور الإسلام وبعده قيام دول وممالك متعددة لكل منها خصوصيتها وهويتها في الشخصية والحضارية مع وجود قواسم مشتركة تجمعها بالمناطق المجاورة بحكم الجغرافيا والبيئة، ونذكر على سبيل المثال من هذه الدول والممالك مثل سبأ، قتبان ، حميّر، حضرموت، واوسان . وذلك قبل ظهور اسم اليمن كمصطلح سياسي، ويذكران الأحباش هم أول اطلق اسم (اليمن) كمصطلح جغرافي يحدد الواجهة أي الجهة وليست كهوية سياسية تحدد اسم الدولة. وفي صدر الإسلام استمر التعامل مع اسم (اليمن) بصفتها الأرض التي تقع يمين الكعبة كما كان يطلقا على الارض التي تقع شمال الكعبة بالشام .
ولم يكن استمرار الحروب الأهلية إلاّ حصيلة لواقع طبيعة الاستبداد والثقافة الاستقوائية التي عمدت إلى مصادرة حقوق الأخرين والفساد المستمر والنهب المنظم للثروات من السلطات وقوى النفوذ، والدور السلبي للمؤسسات السياسية والتعليمية، والدينية ، وغلبة القوى التي تتعامل مع الأحدث من منطق العصبيات والهويات ” الايدلوجية والطائفية والقبلية والغلبة الجهوية للسكان” التي مُورست طوال المراحل السابقة في المجتمع، الأمر الذي أدَّى إلى إنتاج الأزمات الحادة وتعزيز الولاءات الضيقة، وشيوع ثقافة الغلبة والاستبداد الهمجي التي تتمحور حول أزمة بنيوية في النظام السياسي، هذه الأزمة لا تكمن في عدم التفهُّم لهذه الحقائق فحسب؛ بل في محاولة إنكارها نظرياً وممارستها واقعياً والابتعاد عن دراستها بعمق بوصفها محدداً رئيسياً لأنماط السلوك والفعل الاجتماعي والبناء الاجتماعي والصراع السياسي. وتخفي تحت هذا التجاهل والانكار مطامح ضيقة تمليها المصالح الفئوية والجهوية غير عابئة بالأخرين وبعملية الاستقرار والتنمية.
أ.د.فضل الربيعي