بين الهداية والضلال : صراع النفس والروح

العاصفة نيوز/متابعات

في داخلي يدور صراع لا ينفك يشتد، بين صوتين متناقضين يكادان يمزقان روحي. أحدهما صوت الحق، صوت الهداية والنور، يناديني بلطف وحزم في آن واحد، قائلاً: “عد إلى الله يا وهب، عد قبل أن يفوت الأوان. ألا ترى ما يحدث في هذه الأيام؟ ألا ترى الفتن التي تحيط بنا من كل جانب؟ ألا ترى ضياع الدين وانطفاء نور الأخلاق؟ لقد اختفى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والناس غرقوا في ملذات الدنيا حتى أهلكتهم. انتبه! نحن في آخر الزمان، ولا نجاة إلا بالعودة إلى الله. دينك قد يضيع في غفلة منك، فإني لك ناصح مبين.”

 

هذا الصوت يجذبني نحو الحقائق التي أحاول أحيانًا أن أتجاهلها. إنه يذكرني بأن الحياة ليست إلا اختباراً، وأن هناك نهاية تقترب، يوماً لن ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. هذا الصوت يبعث في نفسي قلقاً محموداً، خوفاً من الخسارة الكبرى، تلك التي لا تعوض.

 

لكن على الجانب الآخر، هناك صوت آخر، صوت يزين لي الدنيا، يهمس لي بخبث مغلف بوعود زائفة، قائلاً: “يا وهب، انظر إلى جمال الدنيا وزينتها! ألا ترى تلك النساء الجميلات اللواتي يجذبنك بجمالهن؟ ألا ترى الأموال المتاحة والفرص التي تنتظرك؟ اغتنم حياتك! الدنيا قصيرة وأنت لم تعشها بعد. لا تقلق، فالله غفور رحيم، يمكنك أن تتمتع الآن وتترك التوبة لوقت لاحق. لا تحمل همّ الآخرة الآن، فهناك وقت.”

 

هذا الصوت يخدرني بوهم الراحة والسعادة المؤقتة. يجعلني أرى المتع الدنيوية كأنها غاية الحياة، يلهيني عن الحقيقة الكبرى ويضعف إرادتي. كلما استسلمت له، شعرت بلذة عابرة، ولكن سرعان ما يعقبها ألم في القلب وندم على التهاون في حق نفسي وروحي.

 

في هذا الصراع، أجد نفسي تائهاً بين النداءين. صوت يقول لي “ثبت”، وآخر يقول لي “استمتع”. بين وعد الآخرة وزينة الدنيا، بين خوف الخسارة ورغبة الفتنة. كيف سيؤول بي الحال؟ لا أعلم، ولكنني أدرك أن القرار في يدي، وأن النصر في هذا الصراع مرهون بإيماني وقربي من الله.

 

أحاول أن أتمسك بالصوت الأول، الصوت الذي ينادي للخير، أن أستمد منه القوة لأتغلب على هذا الميل الذي يجذبني نحو الضياع. أعلم أن الدنيا ليست إلا متاع الغرور، وأن السعادة الحقيقية تكمن في طاعة الله والعودة إليه.

 

اللهم ثبتنا على الحق، وأبعد عنا وساوس الشيطان، وامنحنا القوة لنقاوم هذا الصراع وأختار الطريق الذي يقودنا الى النجاة والفلاح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى