احذروا المطبّلون و الأقلام المأجورة و المسمومة

العاصفة نيوز/ أنيس صالح جمعان:

عندما نرى قلماً صحفياً يكتب لما هو خارج رغبة الشعب واردة المجتمع، ومطبلاً لقرار يضر الناس، لا شك أن صاحب هذا القلم خائن، وكلمة خائن لا تنطبق على خيانة شعب أو حكومة معينة، إنما يكون خائناً لمهنة الاعلام والصحافة التي دائماً ما تكون مرآة تعكس رأي الشعوب عند الحكومات، ففي البلدان الغربية يطلق على الاعلام وخاصة الصحافة السلطة الرابعة، والتي لا شك انها دائماً ما تكون درعاً حامياً لرغبات الشعوب وناقلاً أميناً لرغبات الحكومات ورسالتها لشعوبها، ولكن فئة المطبّلين أو المضخمين للقرارات والشخصيات الحكومية حتى لو كانت متورطة في الفساد الإداري والمالي وغيرها، حيث ترى هناك مقالات المديح والثناء والوصف بأجمل الأوصاف لشخصيات ربما لم تقدم حتى الآن شيئاً يذكر للمجتمع !!

لقد قرآنا وتعلمنا كثيراً أَنَّ القلم المأجور أشد خطراً من المجرم القاتل، فالقاتل يقتل أفراداً، أما القلم المأجور فيقتل أمة ويدمر أجيالاً.. وما أكثر أصحاب الأقلام المأجورة اليوم في مجتمعنا الذين يقومون بتزييف الحقائق، وغسل الأدمغة، ونشر الفساد في بلادنا، علينا أَنَّ نحذر منهم ومن متابعتهم، لأن القلم المأجور لا يصنع فكراً ولا يبني وطناً ولا يجعل من صاحبه رجلاً.. ومن يعيشون بالتلميع يظلوا في نظر المجتمع أقزاماً، وأن كان الشخص سيئ فهو سيئ حتى وان طبل له المطبّلون وجملته أقلامهم المأجوره !!

يبدو أَنَّ هناك تشابهاً وتناغماً كبيراً بين مصطلح الأقلام المأجورة وبرنامج ما يطلبه المستمعون؛ إذ إن كلا المصطلحين يعنيان بتلبية رغبات الغير والنزول عندها وعدم تعديها، لإن في ذلك اخلالاً بهدف البرنامج وتعدياً صارخاً على رغبات الزبائن المحترمين.. أما المطبّلون و الأقلام المأجورة التي ابتليت بها امتنا، والتي تجعل من جراح الثكالى وجثث الموتى وجثامين الشهداء، مادة اعلامية رخيصة توغل بها وتتعدى عليها، من أجل حفنة من الدولارات او الريالات او الدراهم القذرة يدفعها الأسياد، مقابل هذا المداد المسموم الذي لا يقل لهيباً وقسوة عن الطائرات الأسرائيلية التي تقتل وتفتك بالمدنيين في غزة وضواحيها !!

اليوم نشاهد ونسمع ونقرأ عن المطبّلون و المأجورين.. وما اكثرهم هذه الأيام أصحاب كلنا (فلان)…. واكبر ضرر لهم هذا المديح الزائد، لأنه بلا شك يؤدي إلى ترجمة وضع يختلف كلياً عن الوضع الحقيقي، الذي يجب أن تكون اعمالهم وانجازاتهم شاهداً على ما يقومون به.. لذلك احذروا دائماً من هذه الأقلام الخبيثة المسمومة الذين يتألقون في استفادتهم المالية الخاصة، وهم أول من ينقلب على عقبهم، فمن لا مبدأ له لا تستطيع أن تضمنه.. قد تنقلب هذه الاقلام في لحظات ضدهم، لمن يدفع اكثر.. والشواهد كثيره في واقعنا الحالي !!

اليوم ننظر إلى الاقلام الأمينة الشريفة النزيهة كأنها اقلام غريبة في مجتمعنا، بل وزاد الطين بلة، لم يعد الاعلام منصة دعائية لوجهات نظر معينة فقط، بل أصبح منصة لنشر الأقاويل و الأكاذيب المسمومة اتجاه كل من يختلف رأيه، ففي كل دولة سنجد المؤيد والمعارض، وليس عيباً أن يكون هناك شخص مؤيد لتوجهات الحكومة، او المحافظين، او المسؤولين، او الأحزاب او الشخصيات الاجتماعية، ولكن الخطر الاكبر هو التطبيل الزائد.. المطبّلون والمأجورين الذي لا مبدأ لهم، يبحثون فقط عن الاستفادة المالية !!

نصيحة.. قال تعالى: (نٓ ۚ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ).[سورة القلم:1]، أَنَّ القلم سلاح ذو حدّين، إذا كان صاحبه عاقل، رصين وفطن سيرتقي به ويسمو إلى أعلى المراتب، ويجعل منه ذو شخصيّة مميّزة، تقتدي بها الأجيال.. الحدّ الأول هو العلم الذي ينفع النّاس و الحدّ الثاني هو الضّياع.. فإذا أحسنت مسك القلم واستخدمته لرسم طريقك في النّضال لمصارعة الحياة فإنّك نجحت وتفوّقت على الصّعاب.. وإن أسأت مسكه فإنّك ستتوه بين الحروف وهنا يأتي دور العقل الذي يلعب دور المرشد والحكم ليحمي ويبعد الخطر !!

مجتمعنا اليوم بحاجة ماسة إلى القلم الصادق، الملهم، والأمين الذي ينشر الحق والصدق.. لقد صدق القول بان القلم سلاح ذو حدّين، منهم من سخر قلمه لرسالة بالية أو شهوة فانية أو لذة زائلة، أو أجر عقله وقلمه لتوجه خبيث، وتبعية رخيصة ومخططات مشبوهة، فما لبث ينشر سموم قلمه، برواية او مقال في صفراء بالية او منتدى مشبوه أو غير ذلك !!

خاتمة.. احذروا المطبّلون و الأقلام المأجورة و المسمومة للمسؤولين و أصحاب الأموال و النفوذ.. و يعتقد انكم تعرفونهم حق المعرفة، يكفينا اللَّه شرهم، و المطبّلون و المأجورين لهم ألوان متعددة يرتدونها وقت الحاجة فقط، وسيشهد التاريخ على سواد حقيقتهم.. وستلعنهم الاجيال القادمة.. لإن التاريخ يدون و لا يرحم، له قلم سيظل يكتب كل ما مضى، وسيكون حجة لهم أو عليهم يوم القيامة !!

المصادر :

(١) اقلام بلا أمانة – محمد خالد العتيبي – موقع الجزيرة نت
(٢) الأقلام المأجورة وما يطلبه المستمعون – تيسير الغول – موقع أرشيف ملتقى أهل التفسير
(٣) القلم سلاح ذو حدّين.. أحسن كتابته – القاضي أنيس صالح جمعان

قاضي أنيس صالح جمعان
٢٣ مارس ٢٠٢٥م
https://www.facebook.com/share/p/16JnsXHxLW/
.


اكتشاف المزيد من العاصفة نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى