موقع أمريكي: لهذا السبب تستهدف الولايات المتحدة الحوثيين في اليمن؟ [ترجمة خاصة]

الجنوب اونلاين| ترجمة خاصة: ذا هيل

بقلم: جون سبنسر

لأكثر من عقدين، كانت القوات الأمريكية والأصول العسكرية تعمل تحت تهديد مستمر من منظمات إرهابية وجهات فاعلة غير حكومية عنيفة. ومع ذلك، في الأشهر الأخيرة، صعّدت إحدى هذه الجماعات من هجماتها بطريقة تهدد ليس فقط الأرواح والمصالح الأمريكية، بل أيضًا الاقتصاد العالمي.

تستهدف الولايات المتحدة مواقع حوثية في اليمن لسبب واضح وضروري: الدفاع عن حرية الملاحة الدولية، وحماية الأفراد العسكريين الأمريكيين، والرد على عدوان مباشر من منظمة إرهابية مصنفة.

تُعرف حركة الحوثي رسميًا باسم “أنصار الله”، وهي منظمة إرهابية أجنبية مصنفة من قبل الولايات المتحدة، ولها روابط أيديولوجية وعملياتية قوية بإيران. كانت جماعة متمردة يمنية منخرطة في حرب أهلية، لكنها تطورت لتصبح قوة إقليمية بالوكالة تمتلك قدرات متقدمة من الصواريخ والطائرات المسيّرة وفرتها إيران. لم تعد مجرد ميليشيا محلية، بل أصبحت فاعلًا إقليميًا يشن عمليات هجومية عبر الحدود — ضد إسرائيل، وضد السفن التجارية، وضد الولايات المتحدة.

منذ نوفمبر 2023، نفذ الحوثيون أكثر من 50 هجومًا على الشحن الدولي في البحر الأحمر وخليج عدن. وتشكل هذه المياه أحد أكثر الممرات الملاحية الحيوية والاستراتيجية في العالم، حيث يمر عبرها نحو 12 إلى 15 بالمئة من التجارة العالمية عبر قناة السويس.

أدت هجمات الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيّرة إلى إجبار شركات الشحن الكبرى على تغيير مسار السفن حول رأس الرجاء الصالح، ما يضيف من 10 إلى 14 يومًا من وقت العبور، ويزيد تكاليف الوقود، ويعطل سلاسل التوريد.

الخسائر الاقتصادية ضخمة بالفعل. فتغيير مسار سفينة حاويات كبيرة واحدة يمكن أن يكلف أكثر من مليون دولار في تكاليف الوقود، بحسب مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية. كما ارتفعت أقساط التأمين على السفن العابرة للبحر الأحمر عشرة أضعاف، مما يضيف حتى مليون دولار في تكاليف إضافية لكل رحلة للسفن ذات القيمة العالية.

وقدّر محللو الشحن أن التكلفة الإجمالية للتجارة العالمية تجاوزت على الأرجح 10 مليارات دولار، من تكاليف الوقود والتأمين إلى التأخيرات والازدحام، وكل ذلك بدأ يؤثر بالفعل على سلاسل التوريد وأسعار المستهلكين. هذه ليست أزمة بعيدة، بل تمس تقريبًا كل اقتصاد على هذا الكوكب.

وهذه الهجمات ليست رمزية. من نوفمبر 2023 حتى يناير 2024، شن الحوثيون هجمات صاروخية وبالطائرات المسيّرة على أكثر من 100 سفينة تجارية، وأغرقوا سفينتين وقتلوا أربعة بحّارة. كما استهدفوا سفن شحن مدنية ترفع أعلام دول متعددة، وألحقوا أضرارًا بها باستخدام صواريخ باليستية مضادة للسفن، بل وحاولوا الصعود على متن ناقلات تجارية.

هذا هو حرب اقتصادية — تهدف إلى خنق التجارة الدولية والضغط على الغرب تحت غطاء التضامن مع حماس في غزة. إنه تهديد لا يقتصر على إسرائيل أو الولايات المتحدة، بل يمس النظام العالمي المشترك.

ولم يقتصر التهديد على البحر فقط. فقد أطلق الحوثيون صواريخ وطائرات مسيّرة بعيدة المدى نحو إسرائيل — أقرب حلفائنا وأهمهم في الشرق الأوسط. في مارس 2025 وحده، أطلقوا عدة صواريخ باليستية باتجاه إسرائيل، وتم اعتراض اثنين منها في 27 مارس قبل دخولها المجال الإسرائيلي.

وفي 31 أكتوبر 2023، أطلق الحوثيون وابلًا من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة على إسرائيل، وتم اعتراض أحد هذه الصواريخ على بعد أميال فقط من إيلات، وهي مدينة إسرائيلية ساحلية جنوبية. والأسوأ أن المسؤولين الأمريكيين أكدوا أن طائرة مسيّرة أطلقها الحوثيون في نفس الأسبوع مرت فوق البحر الأحمر واقتربت بشكل خطير من مبنى سفارة أمريكية في تل أبيب.

وقد هاجم الحوثيون مرارًا سفن البحرية الأمريكية التي تعمل في المياه الدولية. منذ ديسمبر 2023، استهدفوا السفن الحربية الأمريكية أكثر من 170 مرة باستخدام الطائرات المسيّرة، وصواريخ كروز، وصواريخ باليستية مضادة للسفن. وقد اعترضت المدمرات USS Gravely وUSS Carney وUSS Laboon الأمواج المتتالية من المقذوفات باستخدام عشرات الصواريخ في عمليات دفاعية منسقة.

درجة التعقيد في هذه الهجمات — تهديدات متعددة المحاور تتضمن طائرات مسيّرة وصواريخ كروز وصواريخ باليستية — تُظهر ليس فقط الدعم الإيراني، بل أيضًا الجدية في نوايا الحوثيين. هذه ليست طلقات تحذيرية، بل محاولات قتل فعلية.

ردًا على ذلك، أطلقت الولايات المتحدة وحلفاؤها ضربات دقيقة على مواقع الرادارات، ومخازن الصواريخ، ومنصات إطلاق الطائرات المسيّرة داخل اليمن. الهدف هو الردع من خلال الإضعاف — تدمير القدرات التي يستخدمها الحوثيون لزعزعة استقرار المنطقة. وتُعتبر هذه العمليات مشروعة بموجب قواعد الدفاع عن النفس الدولية ومتوافقة مع التزام الجيش الأمريكي بحماية أفراده وحلفائه وحرية الملاحة البحرية.

قد يجادل البعض بأن هذه الضربات قد توسع الصراع في الشرق الأوسط. وهذا قلق مشروع، فلا أحد يريد حربًا أوسع. لكن عدم اتخاذ أي إجراء ليس استراتيجية. السماح لمنظمة إرهابية بخنق الشحن الدولي واستهداف القوات الأمريكية دون عقاب وضرب قلب حليفنا إسرائيل ليس أمرًا مستدامًا. الردع لا ينجح إلا عندما تكون هناك عواقب على العدوان. وحتى الآن، لم يواجه الحوثيون سوى القليل من العواقب.

لقد أظهر الجيش الأمريكي قدرًا هائلًا من ضبط النفس — غالبًا ما كان يعترض التهديدات دون أن يرد فورًا. لكن هذا النهج بدأ يتغير، وهذا في محله. فالتقاعس المستمر لن يؤدي إلا إلى تشجيع الحوثيين وداعميهم الإيرانيين. يجب أن يقترن الصبر الاستراتيجي بالقوة الموثوقة، خاصة عند التعامل مع أطراف لا تلتزم بقواعد النظام الدولي.

الضربات في اليمن ليست محاولة لبدء حرب لا نهاية لها. إنها محاولة للحفاظ على مبادئ أساسية: سلامة الممرات البحرية الدولية، وحماية العسكريين الأمريكيين، والدفاع عن حلفائنا. إذا لم نتحرك ضد الحوثيين الآن، فإننا نبعث برسالة لكل جهة عنيفة غير حكومية بأن الولايات المتحدة غير قادرة أو غير راغبة في الدفاع عن مصالحها. وهذه رسالة لا يمكننا تحمل إرسالها.

جون سبنسر هو رئيس دراسات الحرب الحضرية في معهد الحرب الحديثة في ويست بوينت، ومدير مشارك لمشروع الحرب الحضرية، ومضيف بودكاست “مشروع الحرب الحضرية”. خدم لمدة 25 عامًا كجندي مشاة، بما في ذلك جولتان قتاليتان في العراق. وهو مؤلف كتاب “جنود متصلون: الحياة والقيادة والروابط الاجتماعية في الحرب الحديثة” ومشارك في تأليف كتاب “فهم الحرب الحضرية”.

زر الذهاب إلى الأعلى