من سيئون.. رسالة شعب الجنوب الرئيس الزُبيدي بإعلان الدولة

لم تكن ساحة سيئون، في ذلك المشهد اللافت، مجرد نقطة حشود جماهيرية ، بل تحولت إلى مرآة عاكسة لنبض الجنوب العربي في واحدة من أكثر مراحله حساسية منذ الساعات الأولى، بدأت الوفود تتقاطر من مديريات وادي حضرموت، حاملة معها أعلام الجنوب، ولافتات التفويض، ورسائل واضحة المعالم أن القرار الجنوبي يُصنع من الداخل، والإرادة الشعبية باتت أعلى صوتا من كل محاولات الوصاية أو الالتفاف.
إن الحضور الشعبي في ساحة التفويض في سيئون لم يكن حدثا اعتياديا، بل مشهدا سياسيا مكتمل الأركان، عبّر فيه أبناء حضرموت، ومعهم أبناء الجنوب عمومًا، عن موقف وطني متقدم يقوم على إعادة تثبيت البوصلة، وتجديد العهد لقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، ممثلة بالرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، بوصفه الحامل السياسي لتطلعات شعب الجنوب، والمعبر عن خياره الاستراتيجي في استعادة دولته كاملة السيادة.
كما عبر أبناء حضرموت في الوادي والساحل بوضوح عن وعيهم بحجم الاستهداف الذي تتعرض له محافظتهم، وعن إدراكهم العميق بأن تحصين حضرموت يبدأ من تثبيت هويتها الجنوبية، وحماية قرارها من محاولات التفتيت أو الإلحاق أو تحويلها إلى ساحة صراعات بالوكالة.
في هذا السياق، جاء التأكيد الجماهيري على أن وجود القوات الجنوبية في حضرموت ليس أمرا طارئا ولا مفروضا بقوة السلاح، بل هو مطلب شعبي نابع من الحاجة إلى الأمن والاستقرار، وحماية النسيج الاجتماعي، ومنع عودة الجماعات المتطرفة أو القوى التي صنعت الفوضى وأغرقت المحافظة في دوامة الاغتيالات والانفلات خلال مراحل سابقة.
كما ان الهتافات الشعبية واللافتات التي رفعت في ساحة سيئون حملت دلالات عميقة تتجاوز اللحظة فقد ربطت الجماهير بشكل مباشر بين الأمن الذي تنعم به مناطق واسعة من الجنوب، وبين تضحيات القوات المسلحة الجنوبية، التي أثبتت خلال السنوات الماضية قدرتها على حماية الأرض والإنسان، ومواجهة الإرهاب، وفرض معادلة أمنية أعادت الطمأنينة إلى حياة المواطنين وان
هذا الربط لم يكن مجرد هامشي ، بل قائما على تجربة واقعية عاشها أبناء حضرموت وبقية محافظات الجنوب العربي، حيث بات واضحا أن غياب القوات الجنوبية يعني فراغا أمنيا تستغله قوى الفوضى، فيما حضورها يشكّل صمام أمان يفتح الطريق أمام الاستقرار والتنمية وإعادة بناء مؤسسات الدولة.
كما جدد أبناء حضرموت التفويض الكامل للقوات الجنوبية وللرئيس الزبيدي في سيئون جاء في لحظة سياسية دقيقة، تتزايد فيها الضغوط، وتتكثف فيها محاولات إعادة إنتاج مشاريع فشلت سابقًا في فرض نفسها على الجنوب العربي .. غير أن المشهد الجماهيري بعث برسالة لا تقبل التأويل كلما زادت التحديات، زاد التماسك الشعبي حول قيادته الوطنية.
لقد استطاع المجلس الانتقالي الجنوبي، منذ تأسيسه، أن يحوّل الغضب الشعبي إلى مشروع سياسي منظم، وأن يوحّد الصف الجنوبي بعد سنوات من التشرذم، وأن يقدّم خطابًا وطنيا متزنًا يجمع بين الثبات على هدف استعادة الدولة، والانفتاح المسؤول على الواقع الإقليمي والدولي، دون التفريط بالثوابت.
وخلال السنوات الماضية، نجحت قيادة المجلس الانتقالي، بقيادة الرئيس عيدروس الزُبيدي، في نقل قضية الجنوب من دائرة التهميش إلى طاولة النقاش الإقليمي والدولي، مستندة إلى شرعية شعبية متنامية، وإلى حضور جماهيري متواصل في كل المحطات المفصلية، كان آخرها مشهد سيئون الذي أكد أن التفويض لم يتآكل، بل يتجدد ويتعمق.
ان الجماهير التي احتشدت في ساحة سيئون لم ترفع شعارات عابرة، بل عبّرت عن قناعة راسخة بأن استعادة الدولة الجنوبية، على حدودها المعترف بها دوليا قبل عام 1990، تمثل الضمان الحقيقي لبناء مستقبل آمن ومستقر. مستقبل تُدار فيه الموارد بعدالة، وتُصان فيه الكرامة، وتُبنى فيه مؤسسات دولة حديثة قادرة على تلبية تطلعات المواطنين.
كما أكدت الجماهير في حضرموت أن مطالبها المشروعة واضحة ، وانها ليس موجّهًا ضد أحد، ولا يقوم على منطق الإقصاء، بل يستند إلى حق تقرير المصير الذي تكفله القوانين والمواثيق الدولية، وإلى إرادة شعب دفع أثمانا باهظة في سبيل حريته وحقه في تقرير مستقبله.
وما جرى في ساحة سيئون لم يكن مجرد فعالية جماهيرية، بل رسالة سياسية مفتوحة للداخل والخارج مفادها أن حضرموت جزء أصيل من الجنوب العربي، وأن قرارها ينبع من إرادة أبنائها، وأن المجلس الانتقالي الجنوبي، بقيادته وقواته، يحظى بتفويض شعبي متجدد لإدارة المرحلة وحماية المكتسبات.
كما يؤكد أبناء حضرموت أن الجنوب العربي يمضي في مساره بثبات، مستندا إلى شعبه، ومحصنا بوحدته، ومؤمنا بعدالة قضيته، ومتطلعًا إلى مستقبل دولة حرة ذات سيادة، تليق بتضحيات الشهداء، وصمود الأحياء، وتطلعات الأجيال القادمة.












