الصحراء الغربية قضية عادلة تقودها جبهة البوليساريو

الدكتور الطيب صالح الطيب

الصحراء الغربية قضية عادلة تقودها جبهة البوليساريو

 

إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر

وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر

وَمَنْ لَمْ يُعَانِقْهُ شَوْقُ الْحَيَـاةِ تَبَخَّـرَ في جَوِّهَـا وَانْدَثَـر

فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ الْحَيَاةُ مِنْ صَفْعَـةِ العَـدَم المُنْتَصِر

بهذه الابيات الشعرية الثورية التحررية رسم الشاعر التونسي ابوالقاسم الشابي ملامح طريق العزة والكرامة والنضال وطريق الحرية وتكوين شخصية الشعوب المنادية بحقها في اتخاذ قراراتها وحقها في تقرير مصيرها ومبتغاها ومستقبل اجيالها ، وكأن بهذه الابيات الشعرية القوية والملهمة يريد ان يكون ابوالقاسم ايقونة تحرر للشعوب المعتدي عليها والمغتصبة ارضها جوراً وظلماً وبهتاناً حيث اضحت هذه الابيات الشعرية شمعة مضيئة ووقادة وبوصلة تهتدي بها كل الشعوب المنادية بوقف الاستعمار العابر للقارات او حتي الاحتلال من ذوي القربي وما قضية الصحروايين ببعيدة عن ذلك.

قضية الصحراء الغربية من القضايا الجوهرية والمفصلية لدي كل انسان يحمل بداخله قدر كافي من الانسانية والتحلي بأبسط معايير حقوق البشرية ، حيث تعتبر من القضايا التي تكشف وتبين عوار هذا العالم بكل منظماته وواجهاته التي تعيش علي بساط الازدواجية والرمادية الجوفاء وايضاً خروج هذه المنظمات الدولية وحيادها عن دوره الرئيسي والاساسي في الحفاظ علي الأمن والسلم الدوليين الي رحاب الانحياز الي إحدي الاطراف المتنازعة والوقوف جنباً الي جنب مع الطرف المغتصب والمنتهلك لحقوق الطرف الاخر المسالم والمنادي بحقه في العيش الكريم وتحديد مصيره بيده دون تدخل او إملاء من الاخرين، وبكل تأكيد يعتبر هذا اساس الانسانية جمعاء حيث ولدنا احراراً وينبغي ان نعيش احراراً وان نرسم مستقبلنا بالطريقة التي نراها تتناسب مع اشواقنا وعاداتنا وتقاليدنا واعراف مجتمعاتنا دون قيد او شرط من أي طرف خارجي يريد ان يشكلنا علي حسب هواه ومبتغاه ، وتتفق كل الاديان السماوية والاعراف والتقاليد المحلية والاقليمية والدولية (حتي ولو شكلياً) علي هذا المعيار وحبرت من اجله الصحف والمقالات والكتب واقيمت له المؤتمرات والندوات والورش ولكن بسبب بعض المطامع والدوافع الرخيصة التي تتبناها دول تتدعي زوراً وكذباً حقوق الانسان هاهو اليوم يعيش الكرماء والبسطاء واصحاب القضايا الحقيقية والمنصفة في هذا المربع الظالم ولكن ذات الشعوب لم تنحني لهذه العاصفة الظالمة بل تزداد عزيمتها وترتفع هامتها في التمسك بقضيتها مهما كلفها من جهد وتضحيات ويحدوها الامل والوعد الرباني في نصر من الله وفتح قريب وان راية الظلم مهما ارتفع طودها ستعود ذليلة كسيرة تحت اقدام هذه الشعوب الصابرة المحتسبة.

وبالعودة الي قضية الصحراء الغربية والتي اتفق عليها غالبية الفاعلين الدوليين علي انها قضية تصفية استعمار وعودة حقوق تاريخية الي مستحقها الرئيسي وهو الشعب الصحراوي العظيم المناضل والذي اصبح معلماً للشعوب في المناداة بحقوقه وكسر قلم الغزاة والمستعمريين، وعلي الرغم من التدخل الدولي الخجول خصوصاً من الامم المتحدة وإقرارها لبند تقرير المصير والاستفتاء للشعب الصحراوي لتحديد مصيره الي ان للمغرب كان رأي اخر مخالف للإجماع الدولي ( الظاهروالخفي) حيث قررت التعدي والسطؤ علي ارض الصحروايين والتمدد فيها ومحاولة وضع اليد عليها ضاربة بتعهداتها امام الامم المتحدة عرض الحائط في محاولة في وجهة نظري تأخذ منحي مختلف تماماً لما هو ظاهراً للعيان حيث يعتبر ما قامت به المغرب تحول من استعمار الي استعمار اخر وتعتبر المغرب وكيل لهذا الاستعمار الجديد حيث يمكننا القول بإنه خرج الاستعمار الاسباني من الصحراء الغربية وعاد استعمار اخر وهو الاستعمار الفرنسي عبر وكيله في المنطقة وهو المغرب.

لم تراعي المغرب لحقوق الصحروايين التاريخية في ارضهم وحق هذا الشعب العظيم في موروثاته واعرافه وتقاليده حيث حاولت ان تصنع تغييراً ديمغرافياً في ارض الصحراويين وفرض سيطرتها عبر اشخاص اتت بهم خصيصاً كمناديب في الصحراء الغربية واطلقت عليهم في دعاية فاضحة بإنهم هم من يمثلون الشعب الصحرواي وهم منهم براء، في محاولة الي تعمية الانظار عن الفاعل الرئيس والشرعي والمعترف به دولياً واقليمياً في هذه القضية (جبهة البوليساريو) وتجييرهذه القضية المطلبية لصالحها ناسية او متناسية بإن من يعيشون في عبق الحرية والنضال من المستحيل ان يتراجعوا عن هذا الخط الذي يمثل لهم شريان حياة ورئة يتنفسون بها ويعيشون عليها ويموتون من اجل رفع رايتها عالية خفاقة تعانق السماء.

ما يقوم به الشعب الصحراوي العظيم وما يقدمه من تضحيات جسام ضد الوكيل الدولي للمستعمر(المغرب) والمغتصب للأرض والقاتل بلا ادني شعور بالانسانية واحترام حقوق الصحروايين في بلدهم وارضهم يبرهن للعالم اجمع بإن الشعب الصحراوي لا يمكن ان يتراجع قيد أنملة عن ارض اجداده ورموزه التاريخية وحقوقها التي كفلها له القانون الدولي الانساني والاعراف المحلية ومن ثم الدينية.

وفي ديننا الاسلامي الحنيف يمكن ان يصنف العمل الذي يقوم به الشعب الصحراوي بإنه جهاد مشروع من اجل الحفاظ علي الارض والعرض ومنع طمس هوية هذا الشعب المناضل والجسور حيث لا يمكن ان يتصور عقل انسان يتمتع بقليل من الحرية وعزة النفس ان يعيش تحت وطأة غزاة متعديين علي الارض ويدعون كذباً بإن لديهم حق يقاتلون من اجله والجزء ( المنصف) من العالم كله يري بإن للشعب الصحراوي قضية وحقوق منزوعة وينبغي ان تعود حسب ما يري هو وكيفما يريد.

ان استقلال دولة الصحراء الغربية وعاصمتها العيون من الغزو المغربي مسألة وقت ليس الا مهما حاول الغزاة ان يفعلوا غير ذلك وفي حسباننا العزيمة القوية التي نشاهدها في عيون الشعب الصحراوي قاطبة من اطفال ونساء ورجال حيث اقسم جميعهم بإنه لا تراجع للوراء وان يسيروا في مسار النضال والتحرر الي ان يرجع لهم حقهم المسلوب والمنزوع من العدو الغاشم وبكل تأكيد هذا المطلب سيتم نيله لا محالة، ودوماً ما اجد نفسي من المتفائلين بتحقيقه في بضع سنوات ما دام هنالك شعب شجاع كما الشعب الصحراوي وقادة عظماء من لدن الشهيد الوالي مصطفي السيد والفقيد محمد عبدالعزيز والمناضل ابراهيم غالي.

تقرير مصير الشعوب ليس منحة او هبة يتم تقديمها من جهة بعينها بل هو حق مشروع اقراه الدين والتقاليد وعرفه القانون الدولي علي انه ” حق لأي شعب في ان يختار شكل الحكم الذي يرغب في العيش في ظله والسيادة التي يريد الانتماء اليها” ومن هذا التوجه تصبح قضية تقرير المصير للشعب الصحراوي من القضايا المحورية والتي لا يمكن ان يفتح فيها باب النقاش اصلاً بل هي حلم شعب بأكمله قرر ان يعيش حياته بالصورة التي تناسبه وبالطريقة التي تتماشي مع توجهاته وافكاره وعلي المغرب ان تمتثل لهذا المطلب قبل ان تساق اليه إذعاناً وعنوة من الشعب الصحراوي والذي من حقه نيل استقلاله وعزته وكرامته مثله مثل الشعوب الاخري ، ومن الملاحظات والتي تفرض سؤلاً منطقياً وهو لماذا ترفض المغرب قيام الاستفتاء في الاراضي الصحراوية؟

والاجابة اعتقد واضحة وهي تخوفها من الهزيمة وخسرانها نتائج الاستفتاء وذهاب الصحراء كدولة وبهذا تصبح المغرب قد خسرت وكالتها لفرنسا في هذه المنطقة المهمة والحساسة والضرورية ولكن سأظل اؤمن بإن قلم الظلم مكسور ولو بعد حين وستعود الصحراء الغربية الي شعبها ويرفع فيها العلم الصحراوي عالياً خفاقاً إيذاناً ببداية فجر جديد لهذا الشعب المعلم الجسور.

عند الحديث عن قضية الصحراء الغربية وعدالتها وتبيين إزدواجية العالم وواجهاته الدولية لابد من الوقوف إجلالاً وإكباراً واحتراماً لقادة ومهندسي نيل حق الشعب الصحراوي ” الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب” هؤلاء القادة الذين اثبتوا للعالم اجمع بإنه لا تنازل ولا تهاون مع قضية شعبهم وإمساكهم لخيط هذه القضية لمدة تجاوزت الخمسون عاماً من الصبر والشجاعة والاقدام والاستشهاد في سبيل نيل مطلب شعبهم واهلهم وتمتعهم بدولتهم التاريخية ، وما تقوم به هذه الجبهة ومحاولتها المستمرة عبر العمل الدبلوماسي والتحرك المستمر في تعريف العالم اجمع بقضيتهم العادلة يعتبر امر في غاية المسئولية والاحساس العالي من قادة البوليسيارو بما ينتظره منهم شعبهم وايضاً المسئولية العظيمة الملقاة علي علي عاتقهم وبكل تاكيد هم اهل لذلك التحدي وهذا الشرف العظيم.

يظل موقفي ثابت من نيل الشعوب لحريتها وإنتزاعها لإستقلالها وتكوين دولها وان تقاتل وتقدم الشهيد تلو الاخر في هذا المطلب المهم حتي ردع اخر مغتصب لأرض غير التي تقع تحت سيادته ووطنه ، لا سيما دعمنا اللامحدود لقضية الصحراويين واهليتهم في حكم ارضهم ومن ثم تكريم هؤلاء القادة الذين قدموا وما زالوا يقدمون وبللوا ارضهم الطاهرة بدماءهم الذكية بحثاً عن حقهم المسلوب ودحراً للمستعمر ووكلاءه الحمقي.

ختام القول اقول سيروا ايها الشعب الصحراوي العظيم فثقوا في نصر الله فإنه أت لا محالة فلا تركنوا لدعاة التخاذل والانكسار واعتبروهم زكاة مجتمعكم وشعبكم ، وفي ذات المنحي تزداد ثقتي وايماني بالقيادة الحالية لجبهة البوليساريو فهي قيادة الميدان والقتال والقضية والاستشهاد وتذكروا قول الله تعالى {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }.

 

د.الطيب صالح الطيب

الاكاديمي والمدير العام للمركز السوداني للدراسات والبحوث

الدوحة – قطر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى