غزة.. الحياة مع قنابل موقوتة وإبادة بيئية

تنذر الذخائر ومخلفات الحرب غير المنفجرة، والعالقة بين ركام المباني في قطاع غزة، بمخاطر شديدة، قد لا يعرف مداها إلا بعد أن تضع الحرب أوزارها.

وباتت هذه المخلفات التي أصبحت أشبه بقنابل موقوتة، تشكل تحدياً كبيراً للسكان في قطاع غزة، وخطراً شديداً على حياتهم، وخصوصاً مع تزايد أعدادها، وانتشارها على مساحات واسعة من أراضي القطاع.

حسب فلسطينيين من قطاع غزة، فلا يكاد يخلو شارع أو حي من قنابل أو صواريخ وقذائف من مخلفات الحرب، كانت ألقيت على أهداف ومنشآت سكنية، لكنها لم تنفجر، ما يهدد حياة سكان القطاع باستمرار، مشيرين إلى أن هذه القنابل تكثر في المناطق التي تعرضت للاجتياح البري، ومنها شرق قطاع غزة وشماله، فضلاً عن البنايات السكنية التي كان يتواجد فيها جنود الجيش الإسرائيلي.

يقول الفلسطيني بركات الشاعر، إن الحرب مهما طالت، فلا بدّ أن تنتهي، لكن مخاطر القنابل غير المنفجرة سوف تستمر لعدة أشهر بعد أن تتوقف الحرب، مشدداً على أهمية إزالة هذه المخلفات وإبعادها عن تجمعات الفلسطينيين في أسرع وقت.

ويضيف: «قد تنفجر هذه القنابل لدى محاولة إزالتها، أو نتيجة للعوامل الخارجية ومنها التعرض للحرارة الشديدة، ومن الأهمية بمكان إطلاق حملات توعية للمواطنين بكيفية التعامل مع هذه القنابل، لتجنب مخاطرها».

قذائف

ويحرص سكان قطاع غزة على تجنب العبث بالقذائف غير المنفجرة، أو الاقتراب من المناطق التي تتواجد فيها، مقدرين أن بعضها تزن مئات الكيلوغرامات، ما يعني أن انفجارها (لا قدر الله) من المؤكد أن يوقع ضحايا وأضراراً.

وكشف رئيس دائرة الأمم المتحدة لأعمال الألغام في الأراضي الفلسطينية تشارلز بيرش عن حجم المخاطر الناتجة عن القنابل والمخلفات غير المنفجرة في قطاع غزة، موضحاً: «لم نرَ شيئاً كهذا منذ آخر حرب كبرى في أوروبا» مبيناً في الوقت ذاته أن في قطاع غزة كميات كبيرة من الذخائر التي لم تنفجر، وتحتاج إلى سنوات لإزالتها بطريقة آمنة، وهذا يكلف مليارات الدولارات، وفق قوله.

العودة إلى المنازل

ولم تغفل منظمة «هانديكاب إنترناشونال» الدولية مخلفات الحرب، إذ حذرت خلال الأشهر الأولى للحرب من مخاطرها بالنسبة للسكان المدنيين عند العودة إلى منازلهم، لافتة إلى وجود 3 آلاف قنبلة لم تنفجر من أصل 45 ألفاً أطلقت على القطاع خلال الأشهر الثلاثة الأولى فقط.

في ميدان كارثي آخر، لم تكن الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ ما يزيد على ستة أشهر، حرباً على السكان فقط، إذ أحدث الدمار الكارثي للأحياء والمدن الغزية، آثاراً هائلة على النظم البيئية، الأمر الذي وصفه خبراء وباحثون بأنه إبادة بيئية. وبفعل الحرب تحولت مساحات واسعة من البساتين والحقول الزراعية في قطاع غزة إلى (أرض بور)، كما تلوثت التربة والمياه الجوفية بالذخائر والقنابل، بينما اختنق بحر غزة بمياه الصرف الصحي والنفايات، وحتى الهواء لم يسلم من التلوث بالدخان السام والجسيمات الضارة.

تقول سهى أبو دياب النازحة إلى مدينة رفح، إن مياه الصحرف الصحي والنفايات المتراكمة تحيط بخيام النازحين من كل جانب، لافتة إلى مئات البساتين والأراضي الزراعية التي سحقتها الدبابات والجرافات الإسرائيلية، مشددة: «هذه حرب إبادة للبشر والشجر والحجر، لم يسلم منها شيء، ولم نوثق كل أضرارها بعد، وربما يكون المخفي أعظم».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى