الضغوط الأوروبية تشتد على عمالقة الإنترنت
متابعة / العاصفة نيوز
بعد عام مليء بالصعوبات لكبرى شركات التكنولوجيا، قد تشهد الأشهر الأخيرة من 2024 بلبلة عارمة مع بدء الاتحاد الأوروبي تطبيق نظام جديد من القوانين الرامية إلى ضبط عمل عمالقة الإنترنت.
وبعد عام على دخول لوائح خاصة بالخدمات الرقمية فريدة من نوعها في العالم حيز التنفيذ في الاتحاد الأوروبي، حققت بروكسل أكبر انتصار لها بوجه المنصات الرقمية الكبرى بإرغامها تيك توك على إلغاء تطبيق بشكل دائم في السوق الأوروبية لاعتباره يحفّز “الإدمان” لدى مستخدمي الموقع.
جاء هذا القرار بعد سلسلة طويلة من التدابير استهدفت في مطلع الصيف شركات آبل وميتا ومايكروسوفت، فيما يقول مسؤولون أوروبيون إن مبادرات أخرى ستتخذ بحلول نهاية السنة، من بينها فتح تحقيقات جديدة وإدراج أسماء إضافية على قائمة المنصات الخاضعة للوائح الأوروبية.
وتتمحور الحملة الأوروبية الحالية حول قانونين باتا معروفين في جانبي المحيط الأطلسي، وهما قانون الخدمات الرقمية DSA (Digital Services Act) المتعلق بالمحتوى على الإنترنت، وقانون الأسواق الرقمية DMA (Digital Markets Act) الخاص بالتنافسيّة.
ومنذ بدء تطبيق قانون الأسواق الرقمية، فتح الاتحاد الأوروبي عددا من التحقيقات وشدد الضغط على آبل لحضها على التراجع في معركتها القانونية مع شركة إبيك غايمز صاحبة لعبة “فورتنايت” حول مسألة احتكار على متجر تطبيقاتها “آب ستور”.
وأُرغمت آبل في النتيجة على تقديم تنازل للتكتل الأوروبي لا تطبقه في أي مكان آخر من العالم، يسمح بتنزيل متجر “إبيك غايمز” على هواتف آيفون في التكتل. ورأت النائبة في البرلمان الأوروبي ستيفاني يون كورتان الخبيرة في المسائل الرقمية أن “المفوضية الأوروبية تضطلع بالمهمة، إنها تطبق قانون الأسواق الرقمية بموارد محدودة وضمن مهلة قصيرة بالنسبة إلى قضايا المنافسة الطويلة”.
وأكد جان بينفرا الخبير في منظمة “الحقوق الرقمية الأوروبية” EDRi، وهي منظمة غير حكومية تدافع عن حقوق مستخدمي الإنترنت، “هذه ليست سوى البداية”. ووضعت المنظمة ومجموعات أخرى منها “المادة 19″، في تموز/يوليو قائمة بمجالات لا تلتزم فيها شركة آبل بحسبها بقانون الأسواق الرقمية، وأوضح بينفرا لفرانس برس “نتوقع أن تعالج المفوضية هذه المسائل أيضا في الوقت المناسب”.
خلافات تحت أضواء الإعلام
وتنتقد آبل بعض بنود هذا القانون مؤكدة أنها قد تشكل انتهاكا لخصوصية المستخدمين ولسلامة البيانات.
وكانت الشركة الأميركية العملاقة في حزيران/يونيو أول شركة تُتهم رسميا بمخالفة أحكام قانون الأسواق الرقمية، وهي تواجه غرامات فادحة إذا لم تقدم للمفوضية أجوبة تعتبر مرضية.
وفي الثامن من آب/أغسطس، أعلنت المجموعة إدخال تعديلات على متجر تطبيقاتها التزاما بأحكام قانون الأسواق الرقمية، فيما سارع تحالف Coalition for App Fairness الذي يضم شركات تسعى للتوصل إلى تسوية عادلة تتيح إدراج تطبيقاتها على “آب ستور”، إلى اعتبار هذه التعديلات “غامضة”.
كما سينصبّ الاهتمام على القضية المتعلقة بموقع “إكس” بمتابعة حثيثة لتقييم مدى السلطات الجديدة الممنوحة للاتحاد الأوروبي.
فأحكام قانون الخدمات الرقمية المتعلقة بمكافحة التضليل الإعلامي وخطاب الكراهية، أثارت مواجهة شديدة بين مالك المنصّة الشهيرة الملياردير إيلون ماسك والمفوض الأوروبي المكلف المسائل الرقمية تييري بروتون. وقد تفضي المسألة إلى فرض غرامات على المنصة في الاتحاد الأوروبي وصولا إلى حظرها تماما، في حال ارتكبت المزيد من الانتهاكات الكبرى.
وأكدت مارغريتي فيستاغر المفوضة الأوروبية لشؤون المنافسة أن بروكسل تتقدم “بسرعة قصوى”.
والواقع أن هدف قانون الأسواق الرقمية المعلن لطالما كان تقليص مدّة التحقيقات الطويلة حول قضايا المنافسة التي كانت حتى الآن تمتد لسنوات. ومع دخول هذا القانون حيز التنفيذ، لم تعد تستغرق سوى 12 شهرا. لكن بوسع المجموعات المستهدفة الطعن في القرارات أمام محاكم الاتحاد الأوروبي، ما ينذر بمعارك قانونية طويلة. وإلى اللجوء إلى المحاكم، تملك شركات الإنترنت الكبرى أسلحة من نوع آخر. ففي حزيران/يونيو، أعلنت آبل أنها سترجئ نشر وظائف جديدة تتعلق بالذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي بسبب “غموض بشأن اللوائح” المنظمة.
ورأى جان بينفرا أن المجموعة الأميركية تسعى من خلال مثل هذه الإعلانات إلى “الضغط على المفوضية الأوروبية حتى لا تتشدد كثيرا في تطبيق التشريعات”.
من جانبه، اعتبر دانيال فريدلاندر مدير جمعية “سي سي آي إيه أوروبا”، لوبي شركات التكنولوجيا، أنه “بدل الإعلان عن تدابير عقابية محتملة على خلفية موقف سياسي بامتياز، يجدر بالتحقيقات الجارية في إطار قانون الأسواق الرقمية التركيز على إقامة حوار حقيقي بين المفوضية الأوروبية والشركات المعنية”.
لكن المفوضية تبدو مصممة على المضي قدما لضمان عدم إفلات أي من شركات القطاعات الرقمية بما في ذلك الذكاء الاصطناعي من هيئات الضبط الأوروبية.