السودان.. من يحمي المدنيين من وحشية القتال؟


العاصفة نيوز/متابعات /الخرطوم – طارق عثمان

أثارت التوصيات التي خرجت بها لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، والتي نادت بنشر قوات لحماية المدنيين في السودان، موجة من الجدل الكثيف في الأوساط السودانية، ففي الوقت الذي اعتبرها البعض فتحاً لباب التدخل الأجنبي على مصراعيه، يرى فيها آخرون أنها تمثل إحدى وسائل الضغط الدولي، بعد فشل محاولات جمع طرفي القتال على طاولة التفاوض لإنهاء معاناة ملايين المدنيين السودانيين.

 

وأدى الصراع المستمر منذ أبريل 2023 إلى تشكل أزمة إنسانية طاحنة، إذ تسبب النزاع في نزوح ملايين الأشخاص داخل السودان، وأجبر الكثيرين على الفرار إلى البلدان المجاورة، فيما أدى العنف لوقوع انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، شملت عمليات القتل خارج نطاق القانون والاعتقالات التعسفية والعنف الجنسي.

 

وأكد مصدر دبلوماسي سوداني لـ«البيان»، أن توصيات لجنة تقصي الحقائق مرفوضة باعتبارها تساوي بين الجيش الذي يفر المدنيون إلى مناطق سيطرته، وبين قوات الدعم السريع التي يهرب المدنيون من ممارستها كلما سيطرت على منطقة، على حد قوله.

 

وأشار إلى أن الهدف من تقرير اللجنة ليس حماية المدنيين بقدر ما هو ممارسة ضغوط على الحكومة السودانية بناء على رغبة جهات دولية. وأوضح الدبلوماسي السوداني، أن التقرير يأتي في ظل احتدام صراع المصالح الذي يشهده المجتمع الدولي الآن، مضيفاً: هناك أقطاب متجاذبة فيما بينها ما بين محور (روسيا – الصين) ومحور (فرنسا- بريطانيا – الولايات المتحدة)، مشيراً إلى أن هذا الانقسام في مجلس الأمن الدولي وتضارب المصالح يجعل تلك القرارات سياسية بامتياز وغير مستقلة. ولفت إلى أن وزارة الخارجية السودانية أكدت في بيان لها رفض التعاون مع هذه اللجنة بناء على تلك المعطيات.

 

موقف

 

في المقابل، أعلنت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) ترحيبها بما ورد في تقرير بعثة تقصي الحقائق المستقلة التابعة للأمم المتحدة من رصد موثق للانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها طرفا النزاع والقوى المحاربة معهما في السودان. كما أدانت «تقدم» هذه الانتهاكات، مطالبة بضرورة محاسبة المنتهكين وإنصاف الضحايا وجبر الضرر الذي حاق بملايين المدنيين العزل الذين استهدفتهم القوى المتحاربة بصورة وحشية.

 

ودعت، تقدم، في بيان لها، مجلس حقوق الإنسان لتمديد ولاية بعثة تقصي الحقائق ودعم عملها بما يقود لتطوير جهودها في الفترة المقبل، مشددة على أهمية رفع وتيرة التواصل والتعاون بين القوى المدنية الديمقراطية في السودان، وبعثة تقصي الحقائق، بما يعينها على توثيق الانتهاكات والتوصية بسبل وآليات إنهاء معاناة المدنيين وحمايتهم.

 

مخاطر

 

وتواجه بعثات تقصي الحقائق في السودان، تحديات كبيرة من بينها المخاطر الأمنية وتقييد الوصول وإمكانية الانتقام من الشهود، ما يتطلب إجراء تقييم شامل لحجم المخاطر، والتعاون مع المجتمعات والمنظمات المحلية للحصول على المعلومات والحماية، بجانب التعامل مع جميع أطراف النزاع لتأمين المرور الآمن والوصول على المناطق المتضررة، وضمان سلامة أفراد البعثة والأشخاص الذين تمت مقابلتهم، فضلاً عن تنفيذ تدابير سرية قوية لحماية الشهود وتهيئة مساحات آمنة لمشاركة تجاربهم دون خوف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى