من مران إلى كمران.. حروب الحوثي تدخل عقدها الثالث
وشكلت مليشيات الحوثي أول نواة سرية منظمة في الثمانينات للتغلغل في المجتمعات المحلية ومؤسسات الدولة وظهرت للعلن في التسعينيات بكيانات دينية وسياسية أبرزها “حزب الحق” و”تنظيم الشباب المؤمن” وأصبحت اليوم تنظيما مسلحا طائفيا “إثنا عشريا”.
كما قاد هجوم اجتياح صنعاء والانقلاب أواخر 2014 والتمدد في كل البلاد، ووصلت مؤخرا إلى تأسيس قاعدة عسكرية متقدمة للجماعة بتوجيه من إيران مطلة على البحر الأحمر انطلاقا من الحديدة وجزيرة كمران.
ووفقا لتقارير أممية صادرة مؤخرا، فإن “الوجود الحوثي في كمران قبالة الحديدة أصبح يعرض باستمرار الشحن الدولي للخطر “لاسيما عقب هجمات الجماعة المتواصلة على ناقلات التجارة وشل المجرى الملاحي.
خطر يتخطى اليمن
الحروب المتواصلة هذه والتي اغتالت أكثر من 110 اتفاق وهدنة بين الجماعة والحكومة المعترف بها دوليا، جعلت قائد المنطقة العسكرية الرابعة في اليمن اللواء الركن فضل حسن وهو واحد من أقدم المحاربين ضد المليشيات يؤكد استحالة السلام معها وأنها خطر يتخطى البلاد.
وشارك اللواء حسن في أولى حروب المواجهة في معقل الحوثيين في صعدة أقصى الشمال بين 2004 و2009، ولاحقا مع تموضعه للدفاع عن مسقط رأسه جنوب اليمن قاد أول هجوم بري ناجح ضمن عملية تحرير عدن 2015.
وقال المسؤول العسكري الرفيع لـ”العين الإخبارية” إن “استراتيجية مليشيات الحوثي وأهدافها أبعد من اليمن، وهي تنظر للسلام من بوابة السيطرة الكامل على البلد مع هيمنتها المسلحة على الملاحة البحرية”.
وأضاف: “الحوثيون لا يمكن أن يسلموا صنعاء أو أي محافظة تحت سيطرتهم بالحوار أو السلام، والقوة وحدها هي من قادرة تحقيق السلام واستعادة الدولة”.
وأشار إلى أن خطورة مليشيات الحوثي بين صعدة والبحر الأحمر انتقلت من مستوى اليمن إلى مستويات إقليمية وعالمية، مضيفا: “أصبح الحوثيون خطرا إقليما ودوليا يهدد الملاحة والسفن في الممر المائي”.
وأكد هذه الهجمات البحرية “تكفي العالم لقياس مدى خطر هذه الجماعة إقليميا ودوليا وهي ليس على اليمنيين والجنوبيين خاصة وإنما على كل العالم وهو خطر يتطلب إزالته بدعم من التحالف الإقليمي والدولي”.
حروب متسلسلة
عشرات الحروب الذي أشعلها الحوثيون داخل اليمن وفي البحر أو على مستوى المنطقة مؤخرا، دفعت الخبير العسكري العقيد محسن ناجي للاعتقاد بأن المليشيات تسعى لإعادة البلد والمنطقة “ألف سنة للوراء”.
وقال لـ”العين الإخبارية” إن “المليشيات هي تنظيم طائفي مذهبي سلالي ولد من رحم الحرب وليس السلام والسياسة أو أي وضع طبيعي في اليمن”.
وأضاف “خاض الحوثيون حروب عدة في اليمن منها 6 حروب في صعدة والسابع في عمران ثم حرب احتلال صنعاء والانقلاب على الشرعية والدخول في حرب جديدة مع انطلاق عاصفة الحزم في مارس/آذار 2015”.
وأوضح: “حروب الحوثي مستمرة حتى اليوم، والاستعداد للسلام يتطلب استعداد للحرب لأن بقاء الحوثي مهيمن على مساحة كبيرة، كانت يوم من الأيام دولة ولم يهزم عسكريا حتى اللحظة فمن الجنون الحديث عن السلام”.
وأشار إلى أن “مليشيات الحوثي لا تزال تسعى “للتوسع نحو جنوب اليمن وإلحاق الأذى بدول الجوار لأنه في النهاية هي أحد أذرع إيران العسكرية، كحزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق وغيره”.
مقومات حكم الحوثي
وبعد 20 عاما من أول حروب للجماعة، أصبح الحوثيون يرسخون سطوة حكمهم لعقود مقبلة في أدلجة الأجيال وتجريفها لحروب متتالية وتحويل شمال اليمن إلى قاعدة عسكرية ضخمة للتعبئة دون أي خدمات للناس.
وهذا ما تحدث عنه الخبير العسكري العقيد ياسر صالح مؤكدا أن “المليشيات الحوثية لديها عقدة تاريخية وليست ظاهرة يومية فهي لا تؤمن بالإنسان ولا برعاياها أو أي واجبات وهي ترسخ سطوة القوة وتفخخ عقول الأجيال”.
وأضاف في حديث لـ”العين الإخبارية” أن “الحوثيين يعتمدون في عقيدة حكمهم على ثلاث نقاط الأولى ترتكز على الجبايات، والثانية على الحرب، وأخيرا القداسة الروحية لقيادتها، أما الإفقار فهو جزء من عقيدتها الطائفية والسياسية والعسكرية لتعزيز وتوسيع نفوذها”.
وقال: “ما نشاهده من حالة صعبة لكل من يعيش تحت سطوة الحوثي، دون مشاريع أو أدني مستويات للحقوق بما فيها المرتبات، هو تجسيد لمنهج الجماعة الإرهابية التي تؤمن بالحرب وليس بالتنمية أو السلام”.