تُجدد حضرموت تفويضها الجنوبي وتؤكد خيار الدولة الجنوبية

ـمرحلة حاسمة وإجماع جنوبي مطلوب
تدخل الساحة الجنوبية اليوم مرحلة بالغة الحساسية، تتطلب أعلى درجات التماسك الوطني، وإجماعاً جنوبياً شاملاً يمتد من المهرة شرقاً حتى باب المندب غرباً. ففي ظل تعقيدات المشهد الإقليمي والدولي، وتعدد المشاريع المتصارعة على الأرض، بات خيار استعادة الدولة الجنوبية هو الخيار الوحيد القادر على حماية الهوية، وصون التضحيات، وتأمين المستقبل السياسي والاقتصادي لشعب الجنوب العربي.
وتؤكد جماهير حضرموت أن أي محاولات للالتفاف على هذا الخيار، أو القفز على إرادة الشعب، لن تؤدي إلا إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار، وأن الرهان على مشاريع بديلة أو كيانات ضعيفة ومفروضة من الخارج هو رهان خاسر، أثبت فشله في كل المراحل السابقة.
-حضرموت العمق الجنوبي الذي لا يُفصل
تُجسد حضرموت بثقلها الجغرافي والسكاني والاقتصادي قلب الجنوب النابض، وتمثل عمقه الاستراتيجي الذي لا يمكن فصله أو عزله عن محيطه الجنوبي. ولهذا جاءت الرسالة الجماهيرية حاسمة في رفض كل محاولات طمس هوية الجنوب، أو مصادرة تضحيات الشهداء والجرحى، أو التلاعب بالانتماء الوطني لحضرموت.
لقد أدرك أبناء حضرموت أن استهداف محافظتهم هو في جوهره استهداف للمشروع الجنوبي برمته، وأن تفتيت حضرموت أو فصلها عن الجنوب العربي هو مدخل خطير لإضعاف قضية الجنوب، وضرب مقومات الدولة القادمة. ومن هنا، عبّرت الجماهير عن تمسكها بالهوية الجنوبية، ورفضها القاطع لأي مشاريع مشبوهة تسعى لإعادة إنتاج الوصاية أو الاحتلال بأشكال جديدة.
-القوات المسلحة الجنوبية صمام الأمان
تُبرز التطورات الميدانية والأمنية الدور المحوري للقوات المسلحة الجنوبية، التي باتت اليوم تشكل العمود الفقري لدولة الجنوب العربي المرتقبة، والخط الأول في الدفاع عن الأرض والهوية والقرار. ففي حضرموت والمهرة، أثبتت هذه القوات قدرتها على حفظ الأمن، ومكافحة الإرهاب، ومنع الانزلاق نحو الفوضى، رغم محاولات الاستهداف المتكررة.
وقد عبّرت جماهير حضرموت عن ثقتها الكبيرة بالقوات المسلحة الجنوبية، معتبرة وجودها ضمانة حقيقية للأمن والاستقرار، ورسالة واضحة بأن الجنوب قادر على حماية نفسه، وصون مكتسباته الأمنية والعسكرية، ومواجهة كل التحديات، سواء كانت إرهابية أو سياسية.
-رفض الوصاية اليمنية ومحاولات إعادة الاحتلال
تُعلن الجماهير، وبصوت واحد، رفضها القاطع لكل أشكال الوصاية اليمنية، ومحاولات إعادة الاحتلال تحت مسميات سياسية أو أمنية جديدة. فقد أثبتت التجربة أن هذه الوصاية لم تجلب للجنوب سوى الحروب، والانقسامات، ونهب الثروات، وتغذية الإرهاب.
كما كشفت الحشود الشعبية بوضوح الدور التخريبي الذي تلعبه جماعة الحوثي، وتنظيم الإخوان، ورشاد العليمي، والجماعات الإرهابية، في استهداف حضرموت، والسعي لتحويلها إلى ساحة صراع مفتوحة تخدم أجندات معادية للجنوب وللأمن الإقليمي والدولي. وجاء هذا الموقف الشعبي ليضع النقاط على الحروف، ويفضح حقيقة التحالفات المشبوهة التي تعمل في الخفاء والعلن ضد إرادة أبناء حضرموت.
-رسالة سيئون إلى الإقليم والعالم
تُوجه الجماهير من سيئون رسالة سياسية واضحة للمجتمعين الإقليمي والدولي، مفادها أن الجنوب العربي موحد في خياره، وأن أي تسويات أو مبادرات تتجاهل هذه الحقيقة محكوم عليها بالفشل. فالشرعية الحقيقية، كما أكدت الحشود، تنبع من إرادة الشعب، لا من صفقات الغرف المغلقة.
وأكدت الرسالة أن استقرار الجنوب العربي يبدأ من استقرار حضرموت، باعتبارها مركز الثقل الاقتصادي، وركيزة الأمن الإقليمي، ونقطة الارتكاز في حماية الملاحة البحرية وخطوط التجارة الدولية. كما شددت على أن حضرموت لن تكون ملاذاً للإرهاب، ولا ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية، ولا منصة لتنفيذ الأجندات الأجنبية.
-تعزيز الوعي ومواجهة مشاريع التفتيت
تُسهم التحركات الجماهيرية في رفع مستوى الوعي الشعبي بخطورة مشاريع تفتيت حضرموت، وإضعاف الجنوب العربي من الداخل. فقد بات واضحاً أن هذه المشاريع لا تستهدف حضرموت وحدها، بل تسعى لضرب وحدة الصف الجنوبي، وإجهاض حلم الدولة الجنوبية.
وفي هذا السياق، برزت أهمية الدور الشعبي في التصدي للحملات الإعلامية المعادية، التي تحاول تشويه نضال شعب الجنوب، وبث الفتن، وتزييف الحقائق. وجاء الموقف الجماهيري الموحد ليشكل الرد العملي الأقوى على هذه الحملات، وليؤكد أن الجنوب يمتلك اليوم وعياً سياسياً قادراً على فرز المواقف، وكشف النوايا.
-حضرموت وحق القرار والثروة
تُجدد الجماهير تأكيدها على حق أبناء حضرموت في إدارة شؤونهم الأمنية والاقتصادية، والتمتع بثرواتهم النفطية والغازية، ضمن المشروع الوطني الجنوبي، ودون أي تدخلات خارجية. فالثروة، كما ترى الجماهير، يجب أن تكون أداة للتنمية والاستقرار، لا وسيلة للنهب والابتزاز السياسي.
وحذرت الأصوات الشعبية من مخاطر العبث بالثروات الحضرمية، أو استخدامها كورقة ضغط في الصراع السياسي، مؤكدة أن حماية هذه الثروات مسؤولية وطنية، وأن إدارتها لا يمكن أن تكون إلا بقرار جنوبي مستقل، يعبر عن مصالح أبناء الأرض.
-شرعية شعبية متجددة للمجلس الانتقالي
تُوثق الحشود الجماهيرية في حضرموت حقيقة الشرعية الشعبية التي يحظى بها المجلس الانتقالي الجنوبي، بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي. فهذه الشرعية لم تُمنح بقرار خارجي، بل صُنعت في الميدان، وتعمّدت بدماء الشهداء، وتكرست عبر مواقف سياسية ثابتة في أحلك الظروف.
وقد أسهم هذا الزخم الشعبي في تعزيز الروح الوطنية الجنوبية، ليس في حضرموت فحسب، بل في مختلف محافظات الجنوب العربي، مؤكداً أن النضال السلمي والسياسي مستمر، ولن يتوقف حتى تحقيق الهدف المنشود.
-حضرموت مركز الثقل الاقتصادي للدولة القادمة
تُعيد الجماهير التأكيد على أن حضرموت تمثل مركز الثقل الاقتصادي لدولة الجنوب العربي القادمة، بما تمتلكه من ثروات طبيعية وموقع جغرافي استراتيجي. ولهذا، فإن استقرار حضرموت ليس شأناً محلياً فحسب، بل قضية إقليمية ودولية ترتبط بأمن الطاقة، وسلامة الملاحة البحرية، واستقرار المنطقة بأسرها.
وانطلاقاً من هذا الدور، شددت الرسائل الشعبية على أن حماية حضرموت تعني حماية الاقتصاد الوطني الجنوبي، وضمان مستقبل تنموي مستدام لأجيال قادمة.
-توحيد الصف الحضرمي خلف قضية الجنوب
تُعد وحدة الصف الحضرمي من أبرز الرسائل التي حملها المشهد الجماهيري، حيث عبّر أبناء حضرموت عن تجاوزهم لكل الخلافات الثانوية، واصطفافهم خلف قضية شعب الجنوب العربي. وقد أدرك الجميع أن المرحلة لا تحتمل التشرذم، وأن أي انقسامات داخلية لن تخدم سوى القوى المعادية.
هذا التوحد يعكس نضجاً سياسياً متقدماً، ويؤكد أن حضرموت اختارت موقعها بوضوح ضمن المشروع الوطني الجنوبي، وأنها ماضية في هذا الخيار مهما اشتدت الضغوط والمؤامرات.
-حضرموت تحسم موقفها
تُختتم الرسالة الحضرمية بتأكيد لا لبس فيه: السيادة والهوية والقرار الجنوبي خطوط حمراء، وحضرموت جزء أصيل من الجنوب العربي، ولن تكون إلا في قلب معركته الوطنية. لقد قالت حضرموت كلمتها، وجددت تفويضها، وأعلنت انحيازها الصريح للمشروع الوطني الجنوبي بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي والرئيس القائد عيدروس الزُبيدي.
إن ما يجرى في سيئون ووادي حضرموت ليس حدثاً عابراً، بل محطة تاريخية تؤكد أن الجنوب العربي يقترب أكثر من تحقيق هدفه الاستراتيجي في استعادة دولته كاملة السيادة على حدودها المتعارف عليها دولياً قبل عام 1990م، وأن إرادة الشعوب، مهما طال الزمن، لا تُهزم.












