أخبار دولية – هل يمهد لقاء بوتين


يبدو أن اللقاء المقرر بين الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فلاديفوستوك والذي كشفته الاستخبارات الأمريكية، يمهد لرؤية جديدة للاستراتيجية الروسية في أوكرانيا، فضلاً عن مخاطر أوسع نطاقاً تهدد العالم. ومع استمرار هجوم كييف في شهره الرابع بنجاح محدود فقط وبضعة هجمات مضادة روسية، ترى صحيفة “تلغراف” أن خطة موسكو ربما تتمثل في السماح لأوكرانيا باستنزاف رجالها ودباباتها وقذائفها وصواريخها عند الجبهة الأكثر صلابة لخط سوروفيكين. وما أن يتم إنزال قوات المناورة المجهزة والمدربة في أوكرانيا، تشن روسيا هجوماً كبيراً، ربما في وقت مبكر من يناير (كانون الثاني).

وبعد عامين تقريباً من القتال الذي شُبّه بالحرب العالمية الأولى، يقول الكاتب ريتشارد كمب إن هذه الخطة تذكر بهجوم “كايسرشلاخت”، وهو “هجوم الربيع” الذي بدأ في مارس (آذار) 1918، وأدى إلى تراجع الحلفاء والاستيلاء على مساحة أكبر مما سيطر عليه أي من الجانبين في السنوات الأربع السابقة. وأمكن تحقيق ذلك من خلال استنزاف الألمان للعدو أثناء بناء احتياطات هائلة من الرجال والذخائر خلف الخطوط، استعداداً لشن هجوم مدمر لا يختلف عما كان البريطانيون يهدفون إليه، لكنهم فشلوا في تحقيقه، خلال معركة السوم في عام 1916.

كميات هائلة من الذخائر

والمشكلة بالنسبة لبوتين هي أنه في سعيه لسحق القوات الأوكرانية، فإنه يستخدم كميات هائلة من الذخيرة، وخاصة قذائف المدفعية والصواريخ الباليستية، وأعداداً ضخمة للغاية من الدبابات. ومع أن روسيا تمتلك حجماً من الإنتاج الصناعي العسكري، أكبر من معظم دول الغرب، وتستمر في حشد عشرات الآلاف من الرجال كل 3 أشهر، فإن إمداداتها الأساسية تظل غير كافية لمستوى الإنفاق المطلوب لشن هجوم كبير جديد.

وبناء عليه، يقول الكاتب إن هذا هو المكان الذي يمكن أن تدخل منه بيونغ يانغ. فقد ظلت كوريا الشمالية ترسل كميات كبيرة من القذائف والصواريخ إلى روسيا لمدة عام على الأقل، مع تنظيم مجموعة فاغنر التي كان يرأسها الراحل يفغيني بريغوجين، شحنات أيضاً. وفي يوليو (تموز)، كان وزير الدفاع سيرغي شويغو في بيونغ يانغ للتفاوض على المزيد من الإمدادات.فهناك يجد “مغارة علاء الدين” المليئة بالمعدات، حيث تحتفظ كوريا الشمالية بمخزون هائل من الأسلحة الثقيلة وذخائر المدفعية. والعديد منها قديم ولا يمكن الاعتماد عليه، ولكن هذا لن يكون مهماً، إذا لجأت روسيا إلى تكتيكها القديم لتحقيق النصر: استخدام قوتها العددية الهائلة، لسحق العدو كما سعى الألمان إلى القيام به في عام 1918.

محور موسكو- بيونغ يانغ

ويشكل محور موسكو- بيونغ يانغ الجديد انعكاساً للأدوار التي كانت سائدة في حقبة الحرب الباردة، عندما كان الاتحاد السوفيتي والصين أكبر موردي الأسلحة إلى كوريا الشمالية. واستمر العرض حتى بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ولم ينته إلا مع ظهور عقوبات الأمم المتحدة. ولا شك في أن دعم روسيا اليوم يفيد كيم كوسيلة للرد على الولايات المتحدة، بموافقة من بكين.

دعم بثمن باهظ

لكن دعم كوريا الشمالية لن يأتي بدون ثمن باهظ. فالدولة التي تعاني من العقوبات الغربية، بحاجة ماسة إلى النفط والغذاء والأسمدة والمواد الخام التي تمتلكها روسيا بوفرة.

وأشار بعض المحللين إلى أن كشف الولايات المتحدة عن زيارة كيم المقررة قد يكون كافياً لإلغائها. وهذا لن يحدث أي فرق، ذلك أن الروابط المتأصلة بين البلدين كافية لاستمرار هذا التعاون القاتل، وتطوره دون لقاء بين الزعيمين.

والسؤال الذي يجب طرحه هو: لماذا كانت هناك حاجة للتخطيط لمثل هذا اللقاء في المقام الأول؟ وبالنسبة لكيم، المحاصر فعلياً داخل حدود بلاده، فسوف تكون هذه فرصة للظهور كرجل دولة عالمي أمام زملائه من الأنظمة المناهضة للغرب. ويحتاج بوتين أيضاً إلى أن يُظهِر لشعبه أنه ليس معزولاً. ولكن قد يكون هناك شيء آخر وراء ذلك. وربما كان بوتين يفكر في ورقة مساومة لتشجيع الإدارة الأمريكية المترددة بالفعل، على الضغط على كييف لحملها على وقف إطلاق النار.

ويختم الكاتب قائلاً: “أياً كان التعامل الدبلوماسي المزدوج، على الغرب أن يساعد أوكرانيا في الاستعداد لاحتمال فشل هجومها الحالي، والذي يسمح لبوتين بإطلاق العنان لـ”كيسرشلاخت””.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى