كيف تؤثر الحرب بين روسيا وأوكرانيا على مستقبل الاتحاد الأوروبي؟


دفع رعب الحربين العالميتين فرنسا، وألمانيا الغربية وغيرهما إلى دمج الأسلحة وإنشاء ما يعرف اليوم بالاتحاد الأوروبي، وبعد 70 عاماً، عادت الحرب إلى القارة من جديد، وتحت أنقاض أوكرانيا، هناك شيء يشبه المشاعر التي حركت الآباء المؤسسين للاتحاد الأوروبي، يتحرك مرة أخرى اليوم.وتشير مجلة “إيكونومست” في تقرير، إلى أن الحديث الآن في أوساط الاتحاد، هو قبول ما يصل إلى 9 أعضاء جدد، بما فيها أوكرانيا في التكتل، مشيرة إلى أن “الانضمام إلى أنجح ناد للديمقراطيات السلمية والمزدهرة في العالم من شأنه أن يضع ذلك البلد الذي مزقته الحرب، وزملاءه الطامحين في غرب البلقان، وجورجيا، ومولدوفا، على مسار جديد واعد”.
وبالنسبة للاتحاد الأوروبي نفسه، لن يكون الأمر أقل من “التاريخي”، حيث يكمل اتحاداً قارياً كبيراً، ويمثل نهاية عملية بدأت بالنصر على النازيين، إلا أن الطريقة التي يعمل بها الاتحاد الآن، كما يقول التقرير، يجب أن تتغير.
يرى التقرير أن توسيع الاتحاد الأوروبي من 27 إلى 36 دولة سيكون صعباً، لكن قادة من جميع أنحاء القارة، بما في ذلك الأعضاء الجدد الطموحين، سيجتمعون في غرناطة الإسبانية في 5 أكتوبر (تشرين الأول). وفي اليوم الموالي، سيضع الموجودون بالفعل في النادي الإصلاحات اللازمة للحفاظ على التكتل، ولكن مع أعضاء أكثر تنوعاً. ستكون عملية شاقة، إلا أن هناك تفاؤلا باكتمال التوسيع في التاريخ المطروح في 2030.

نجاحات متوالية
وتقول المجلة، إن على القادة الذين يفكرون في شكل الاتحاد في المستقبل، أن يتذكروا أن التوسيع هو الذي قاد إلى نجاحات متوالية مثل المشاريع الكبرى على اليورو، والسوق الموحدة، وتنظيم عمالقة التكنولوجيا، لكن الكثير من قيمة هذه النجاحات مصدره امتداد نطاقها إلى ما وراء فرنسا، وألمانيا، إلى فنلندا، واليونان، وسلوفاكيا، وإسبانيا، لافتة إلى أن المزيد من التوسع سيؤدي إلى زيادة الثقل الجيوسياسي لأوروبا.

لم يعد بإمكان الاتحاد الأوروبي تحمل سلسلة الأعضاء التسعة المحتملين بالسماح لطلباتهم بالمضي قدماً دون أمل واقعي في انضمامهم، وتقول المجلة، إن ترك الجيران الأوروبيين في منطقة رمادية يفتح الباب أمام الذين يريدون زعزعة استقرار القارة، بدءاً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
لقد غذت هذه الديناميكية غير الصحية السياسات الساخرة والمختلة في بعض الأحيان في البلدان الستة في غرب البلقان والمتقدمين الثلاثة الآخرين. لذلك لن يكون سهلاً دمج أي منها، حيث أن في جورجيا، ومولدوفا، وأوكرانيا قوات روسية تحتل أجزاء من أراضيها، كما فعلت ألمانيا حتى 1990،. جميع الدول الحالية التي تقدم عطاءات للانضمام تعتبر “حرة جزئياً”.

تنازلات ومزايا
على الاتحاد الأوروبي، حسب التقرير، وهو يشرع في هذه المهمة، أن يتعهد بثلاثة التزامات ثابتة. الأول هو رسالة أمل للمتقدمين، طالما أنهم ينفذون الإصلاحات اللازمة ليكونوا أعضاء جديرين بالاتحاد، سيسمح لهم بالدخول، حيث قدم وعد مماثل لغرب البلقان في 2003، ولكنه نُسي على الفور. لا يزال على المتقدمين تلبية نفس المعايير التي التقى بها الآخرون للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، خاصةً دعم الديمقراطية.
وتضيف المجلة أن شروط الانضمام إلى اليورو يجب أن تكون صارمة. لكن الذين يبذلون جهداً بحسن نية يجب أن يقدموا المزيد من المساعدة مع تقدم رحلتهم للانضمام. ويمكن منح بعض مزايا العضوية تدريجياً، مع ترسيخ الإصلاحات الاقتصادية، بما في ذلك الوصول إلى السوق الموحدة. في الوقت نفسه، يجب أن يظل واضحاً لهم أن الوجهة النهائية هي العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي.الالتزام الثاني حسب التقرير، هو أن الإصلاحات الداخلية للاتحاد الأوروبي، لا يجب أن تؤخر انضمام المستعدين للانضمام. على الاتحاد الأوروبي إعادة التفكير في أعماله الداخلية، مثل السياسة الزراعية المشتركة، التي تلتهم ثلث ميزانية التكتل، ستحتاج إلى إصلاح جذري لوقف تدفق الكثير من الإعانات إلى الأوليغارشية الأوكرانية، التي تدير مزارع بحجم بعض دول الاتحاد الأوروبي، وغيرها من الأمور الداخلية الأخرى.

آلية معاقبة
الحتمية النهائية هي التعلم من التوسعات السابقة، تقول المجلة، فمعظم البلدان التي عملت على الإصلاح للوصول إلى الاتحاد، بقيت على الطريق الصحيح، ونراها الآن تنمو وتزدهر أكثر فأكثر، لكن هناك حفنة اتخذت منعطفاً سيئاً مثلما تحدت المجر، وبولندا معايير الاتحاد الأوروبي التي وقعتها. لذلك يرى التقرير أنه إذا أراد النادي أن يغتنم الفرصة للقادمين الجدد الذين لهم سجل هش في الحكم، فيجب أن تكون لديه آليات لمعاقبة السلوك السيئ.
ويذكر التقرير بجلب اليونان، والبرتغال، وإسبانيا جميعاً بعد حوالي عقد من الإطاحة بالديكتاتوريات السيئة، لتزدهر الآن ديمقراطيات قوية. وبين 2004 و2007، استقبلت الكتلة عشرات الأعضاء الجدد، كان معظمهم تحت نير الاتحاد السوفيتي. وأدى ذلك إلى مضاعفة عدد دول الاتحاد الأوروبي تقريباً، وزيادة عدد سكان النادي 27%، أي ما يقرب من ضعف ما هو مقترح الآن.
ويقول التقرير، إنه إذا كان لأوروبا أن تُعتبر قوة في العالم، فإنها تحتاج إلى إظهار أن لديها القدرة على العمل، لذلك فإن تأخير التوسيع من شأنه أن يضعف القارة، وبالتالي الاتحاد في قلبها. ورغم ظروف الحرب المروعة في أوكرانيا، فقد خلقت قوة دافعة لاتحاد أوروبي أكبر وأفضل. يجب أن تجد أوروبا طريقة لبنائها.

العاصفة نيوز : الحقيقة الكاملة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى