جثث مجهولة ومقابر مكتظة.. ظروف استثنائية لدفن ضحايا الحرب في غزة


يواجه الفلسطينيون في قطاع غزة صعوبات، حتى في دفن جثث ضحايا الغارات الإسرائيلية المكثفة على القطاع منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، بعد الحرب التي بدأتها إسرائيل رداً على هجوم حماس الواسع ضد بلدات ومواقع عسكرية إسرائيلية متاخمة لغزة.ومع تجاوز أعداد القتلى حاجز الثمانية آلاف، لجأت وزارة الصحة الفلسطينية لدفن جثث مجهولة الهوية، كما أن عدداً من الضحايا تم دفنهم في مقابر جماعية بعد اكتظاظ المقابر.

يقول عمر الديراوي: “إن هذا لم يكن المكان ولا الوقت المناسب للوداع المناسب”، حيث يحتضن عدداً من جثث أقاربه المتوفين وقد لفهم في البطانيات وأكياس الجثث.

ودفن الديراوي الذي يعمل مصوراً صحافياً في مدينة الزوايدة بوسط قطاع غزة، 32 فرداً من عائلته، الذين قتلوا في الغارات الجوية الإسرائيلية يوم الأحد الماضي.

وقد استجاب أقارب الديراوي وأعمامه وأبناء عمومته من مدينة غزة لأوامر الإخلاء العسكرية الإسرائيلية، ولجأوا إلى منزله، وبعد أيام، كان الديراوي يحفر خندقاً ضيقاً مقسماً بكتل من الرماد لدفنهم فيه.

وقال الديراوي عن الدفن الجماعي: “لا يوجد شيء صحيح في هذا الأمر، أنا لم أحزن حتى، لكن لم يكن لدي خيار، كانت المقبرة ممتلئة ولم يكن هناك مكان”.

ويقول الفلسطينيون إن هذه الحرب لا تحرمهم من أحبائهم فحسب، بل تحرمهم أيضاً من طقوس الجنازة التي طالما وفرت للمشيّعين بعض الكرامة والخاتمة وسط حزن لا يطاق.

لقد تسببت الغارات الإسرائيلية في مقتل الكثير من الأشخاص بسرعة كبيرة لدرجة أن المستشفيات والمشارح اكتظت، ما يجعل طقوس الموت العادية مستحيلة.

ولا يزال ما يقدر بنحو 1700 شخص محاصرين تحت الأنقاض، حيث أن الغارات الجوية الإسرائيلية تعرقل وتعرض عمال الدفاع المدني للخطر، وقد قُتل أحدهم خلال مهمة إنقاذ يوم الجمعة.. وفي بعض الأحيان يستغرق المسعفون أياماً لانتشال الجثث، ومع هذه المدة غالباً ما تكون الجثث منتفخة ومشوهة للغاية بحيث لا يمكن التعرف عليها.

وقالت إيناس حمدان، مسؤولة الاتصالات في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في غزة: “لدينا مئات الأشخاص الذين يُقتلون كل يوم، النظام برمته في غزة منهك”.

وأجبر اكتظاظ المقابر العائلات على نبش الجثث المدفونة منذ فترة طويلة وتعميق الحفر، كما فعل بلال الحور، الأستاذ في جامعة الأقصى بغزة، الذي اضطر لدفن 25 من أفراد عائلته قتلوا يوم الجمعة، في غارات جوية دمرت منزلهم المكون من أربعة طوابق في دير البلح.

وأجبرت المشارح المكتظة المستشفيات على دفن الأشخاص قبل أن يتمكن أقاربهم من المطالبة بهم، وقال محمد أبو سلمية، مدير عام مستشفى الشفاء، إن حفاري القبور وضعوا عشرات الجثث مجهولة الهوية جنباً إلى جنب في قبور جماعية محفورة بالجرافات في مدينة غزة، حيث يوجد الآن 63 و46 جثة على التوالي.

ولزيادة فرص التعرف على هوياتهم في حالة وفاتهم، بدأت العائلات الفلسطينية في ارتداء أساور التعريف وكتابة الأسماء بقلم التحديد على أذرع وأرجل أطفالهم.

وفي بعض الحالات، تتحلل الجثث بشكل كبير بحيث لا يمكن حتى لأقاربها التعرف عليها، وفي حالات أخرى، قد لا يتمكن أي فرد من أفراد الأسرة من البقاء على قيد الحياة للمطالبة بالموتى.

وقال محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني الفلسطيني: “كثيراً ما نجد ذلك أثناء عملنا، حتى ليلة (الخميس) فقط في مدينة غزة عندما قُتل 200 شخص، وكانت هناك أسماء وأرقام هويات مكتوبة بالحبر على جثث الأطفال”.

ولا يتمكن الفلسطينيون حتى من إقامة بيوت عزاء لضحايا القصف الإسرائيلي، في ظل خطورة الوضع الميداني والقصف المستمر في قطاع غزة.

العاصفة نيوز : الحقيقة الكاملة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى