مصدر مسؤول لـ” العاصفة نيوز”: مبيدات مادة الفسفور القاتل ترش بها خضار وفواكه باليمن

تقرير عبدربه اليزيدي

• نحو 15 مليون لتر مبيدات منها محرمة دوليًا أدخلها الحوثيون للبلد.

• جميع تجار المبيدات الزراعية من المحافظات الشمالية 

• إتلاف المبيدات المحرمة يحتاج إلى لجنة من المنظمات الدولية 

• وكالات وهمية تقوم بتهريب المبيدات عبر البحر من جيبوتي

• بلدان منشأ المبيدات تتخلص منها عن طريق تصديرها

 

لا يوجد لدى الحوثيين وازع أو رادع يوقف عبثهم بهذه البلد المنهك كليًا، بعد تسع سنوات حرب وتنكيل وتعذيب للمواطنين حتى الموت، تلجأ اليوم المليشيا التابعة لإيران لاستيراد مبيدات محرمة دوليًا، تستخدمها في الزراعة، وتصدرها للمواطن شمالًا وجنوبًا، دون التفريق بين ضحاياها.

15 مليون لتر من المبيدات الزراعية المحرمة دوليًا، خلال عام 2023، كشفتها وثائق رسمية استوردها تجار موالون للحوثيين، لتغرق المنتجات الزراعية وتتلوث المياه والتربة بتلك المبيدات، في مشهد مرعب تزايدت فيه أعداد مرضى السرطان بين السكان، كعدو جديد في صف الحوثي ينهش أجساد اليمنيين.

ولم تكن مناطق الجنوب في منأى عن هذا المشهد المرعب، حيث ضبطت الأجهزة الأمنية شرقي مدينة عدن في رأس عمران تحديدًا، قاطرة شحنة مبيدات يرجح أن تحتوي على مواد محرمة دوليًا ومسببة للسرطانات، دخلت عبر البحر وكانت متجهة للحوثيين.

مبيدات مسرطنة

بعد نزول لجنة وزارية متخصصة لفحص الشحنة بناءًا على تكليف من وزير الزراعة والريّ والثروة السمكية اللواء سالم عبدالله السقطري، يقول محمد حسين – مدير عام إدارة المبيدات في الوزارة وأحد رؤساء اللجنة، إن الشحنة اللتي ضبطتها الأجهزة الأمنية في رأس عمران شرقي عدن، تحتوي على أصناف مبيدات مصنوعة من مواد محرمة دوليًا، كونها شديدة السمية ومسرطنة، وقد تم ضبطها وتحريزها قبل توجهها إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثي باتجاه صنعاء.

وتابع د. محمد حسين لـ” العاصفة نيوز” أن المبيدات دخلت تهريبًا عبر البحر قادمة من دولة جيبوتي، حيث إن المنتجات الرسمية تدخل عبر الميناء لصالح وكيل مستورد مسجل لدى وزارة الزراعة، بينما المبيدات المهربة فلا يوجد لها اسم وكيل حقيقي، فجميع مستوردي المبيدات المحرمة وكلاء غير رسميين وبأسماء وكالات غير موجودة، يقومون باستغلال السوق الحرة التي تمنحها جيبوتي بإدخال منتجات الهدف منها الربح دون مراعاة لحياة الناس، من قبل المهرب.

ولفت المدير محمد حسين إلى أن جميع وكلاء ومستوردي المبيدات المسجلين لدى الوزارة ينتمون للمحافظات الشمالية، ولا يوجد حتى وكيل واحد من المحافظات الجنوبية، وهذا الأمر غير مجدي اقتصاديًا وسياسيًا، داعيًا الرأس المال في محافظات الجنوب إلى الدخول في هذه التجارة، والمجال متاح للجميع، ووزارة الزراعة والري والثروة السمكية تشجع وتقدم كافة التسهيلات.

 

 

صعوبة إتلاف المبيدات

من جانبه قال د. علي شيباني – مدير عام الوقائيات في وزارة الزراعة والثروة السمكية، إن المبيدات المحرمة دوليًا عند التخلص منها، لا يتم إتلافها إلا بحضور لجنة دولية من منظمات أغذية وزراعة عالمية، إذ إن عملية الإتلاف تتطلب احترازات ومستلزمات ومحاذير وفق معايير دولية محددة.

وعن التخلص من الشحنة التي جرى ضبطها في عدن، أوضح د. علي شيباني، لـ” العاصفة نيوز” أنه سيتم إعادة هذه الشحنة من حيث أتت في جيبوتي، دون فتح بابًا للنقاش مع المهربين، فقط إعادة الشحنة وإخراجها من البلد، حتى لا يقع ما لا يحمد عقباه، مشيرًا في حديثه إلى ما حدث في حرب 2015 لشحنة مبيدات خطرة كانت محتجزة في ميناء المعلا، وقام مجهولون أثناء الحرب والمواجهات والانفلات الأمني، بكسر أقفال المخازن وسرقة هذه المبيدات والذهاب بها إلى جهة مجهولة، دون إدراكهم لخطورة المواد المتواجدة في الأكياس.

مادة الفسفور القاتلة

وحدد قانون المبيدات اليمني قائمة الممنوعات والمقيد استيرادها وبيعها بشدة، من خلال قائمة أبرزها بايفنثرين، ميثيداثيون، كاربوسلفان، وبقية المواد المرفقة في الجدول، لكن المخيف أكثر ما كشفه مدير عام إدارة المبيدات محمد حسين عن قيام بعض المزارعين في مناطق الحوثي باستخدام مادة الفوسفور في رش أصناف الخضار والفواكه ونبتة القات، بتلك المادة الفسفورية المضرة، من أجل إعطاء المنتج الزراعي اللمعان، وما ذلك اللمعان إلا قاتل.

وتطرقنا إلى المذكرة التي أرسلتها ما تسمى وزارة الزراعة في حكومة الحوثيين، التي كشفت عن منح ترخيص استيراد نحو 15 مليون لتر مبيدات، ووجود مبيدات زراعية أخرى محرمة دوليًا محجوزة في ميناء الصليف بالحديدة ، اكتفى محمد حسين بالقول: “كما سمعنا ورأينا في المذكرة الوزارية في مناطق الحوثي، فقد أكدت وجود كميات محتجزة من المبيدات الضارة، لكن لا نعلم إلى متى سيستمر احتجازها، ومن الجهة النافذة التي ستأخذها”.

عملنا إنساني لا سياسي

وفي ختام حديثنا الصحفي نبّه المسؤولين في وزارة الزراعة والريّ والثروة السمكية أن البعض يأخذ ملف المبيدات من باب التراشق السياسي وهذه مشكلة، لأن الأمر إنساني بحت ويتعلق بالبيئة، ويمس سلامة غذائنا جميعًا دون استثناء، ولا يفرق بين الانتماء الجغرافي والجهوي، نحن ننظر للموضوع أنه إنساني ونحاول أن نقدم أقصى ما لدينا، حماية للإنسان والبيئة من مخاطر هذه المبيدات المسرطنة التي لا يُستهان بها أبدًا.