الجريمة والعقاب للجيش “الأكثر أخلاقية في العالم” …


وبعد مذبحة النصيرات اللاإنسانية والوحشية والدموية وغير الأخلاقية على الإطلاق، والتي قُتل فيها أكثر من مائتي فلسطيني وجُرح المئات، كان ذنبهم الوحيد أنهم كانوا في المكان الخطأ مستعدين للعملية الإجرامية لاستعادة أربعة رهائن.

وقد أدانته منظمات دولية وإنسانية وشخصيات سياسية وعسكرية. ورفع رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو ضميره ودافع عن العملية التي وصفها بـ”البطولية”، وعن جيشه المجرم بـ”الأكثر أخلاقية في العالم”. يا سلام دعونا نسخر من هذا الجيش قليلاً ونقول لقائده. : “فلا يذهب الكرماء عن غرضهم…” ما فعلتموه وما فعله جيشكم ليس إلا عملية صغيرة بقدرات كبيرة جداً لا تتناسب مع حجم الهدف المقصود. إنه مثل شخص يريد ذبح عصفور ويأتي بالمقصلة. واستخدمت في هذه العملية جميع القوات البحرية والبرية والجوية والقوات الخاصة وقوات النخبة. والشرطة وجميع أجهزة المخابرات من وكالة المخابرات المركزية والمخابرات البريطانية والموساد وعمليات تمويه وقصف جهنمي لتحرير أربع رهائن.

وإذا أراد استعادة الباقي (حوالي 115 رهينة)، فسيستغرق الأمر أكثر من 20 عامًا

الجيش الجبار
ومن ناحية أخرى، قتل “الجيش الأكثر أخلاقية” ثلاثة رهائن آخرين، وفقد ضابطًا كبيرًا، وأصيب آخر بجروح خطيرة. كل هذا فقط ليقف نتنياهو ويقول: «تحرير الرهائن لا يتم إلا بالقوة».

وقد حرر هذا الجيش القوي القوي الذي لا يقهر أربع رهائن بعد حوالي تسعة أشهر من حرب شرسة شارك فيها أكثر من 300 ألف جندي وجميع مركباته وطائراته وأسطوله. وهذا يعني أنه إذا أراد استعادة الباقي (حوالي 115 رهينة)، فسيحتاج إلى المزيد. وعلى مدى عشرين عاماً، قُتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين (في عملية النصيرات، مقابل كل رهينة يتم تحريرها، قُتل 60 مدنياً فلسطينياً بريئاً). وطبعاً قُتل قسم من الرهائن أنفسهم، وقُتل المئات من جنودها، ودُمرت العشرات من آلياتها.

ويواجه هذا «الجيش الذي لا يقهر» بكل قوته العسكرية قنابل الولايات المتحدة وألمانيا وكندا ومعداته العسكرية وأمواله، مجموعة من المقاومين الفلسطينيين الذين لا يتجاوز عددهم 20 ألفاً، ولا يملكون أي سلاح. أسلحة أخرى غير الأسلحة الفردية، ومجموعة من قنابل الهاون، وصواريخ محلية الصنع.

لكنهم يمتلكون العزيمة والإيمان والذكاء التكتيكي والتشبث بأرضهم التي لا يملكها عدوهم، وطبعا أخلاقيا أثبتت المقاومة الفلسطينية بما لا يدع مجالا للشك أنها تعاملت مع الرهائن بكل احترام وإنسانية، والدليل أن وكان الرهائن الأربعة بصحة جيدة للغاية ولم يحتاجوا حتى إلى البقاء في المستشفيات. وأعلنت الفتاة الرهينة أنها تعيش بشكل مريح مع عائلة فلسطينية.

كما أن الرهائن الذين أطلق سراحهم سابقاً كانوا يتمتعون بصحة ممتازة والبسمة على وجوههم، فيما يموت الأسرى الفلسطينيون تحت التعذيب والجوع والإهمال الطبي في سجون الاحتلال، والصور تظهر ذلك. من منهم الأكثر أخلاقية في العالم يا نتنياهو؟

المنظمات الإنسانية
جرائم الجيش، “الأكثر لا أخلاقية في العالم”، نددت بها كافة المنظمات الإنسانية (منظمة العفو الدولية، الأونروا، مراقبة حقوق الإنسان وغيرها)، وأصدرت المحاكم الدولية أحكاماً ضدها. وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية حكما باعتقال نتنياهو وجالانت كمجرمي حرب، كما أضافت الأمم المتحدة إسرائيل إلى القائمة السوداء لقتلة الأطفال. إلى جانب داعش وبوكو حرام وطالبان، أي إلى جانب أكثر التنظيمات إجراماً وإرهابية. ورفعت جنوب أفريقيا، وانضمت إليها عدة دول، دعوى قضائية ضد إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية.

عرض الأخبار ذات الصلة

قالت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة، والتي تحقق في الجرائم المرتكبة في غزة، إن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب، بما في ذلك جريمة الإبادة الجماعية، ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

لقد انتفض العالم كله ضد دولة الاحتلال وطغيانها وجرائمها ضد الإنسانية، وسحبت الدول سفرائها من تل أبيب.

وتصر دولة الاحتلال على احتلال الضفة الغربية أمام العالم، وقتلت مئات الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.

لقد اعتادت دولة الاحتلال أن كل جرائمها السابقة بحق الفلسطينيين لم يعاقب عليها، أما اليوم فإن هذه الجرائم بالبشر والحجارة سيعاقب عليها بالإجماع الدولي، باستثناء الولايات المتحدة التي لم تشهد هذه الجرائم حتى اليوم. وإذا رأتهم فإنها لا تعتبرهم جرائم، بل تندرج تحت قولها المتكرر: «من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها». لكن من يهاجم من؟ وتخضع غزة لحصار خانق منذ عقدين من الزمن، وأراضي الضفة الغربية يتم التهامها بشكل مستمر من خلال بناء المستوطنات، والمستوطنون الذين حصلوا على الأسلحة من وزير الدفاع إيتمار بن غفير يستخدمونها ضد الفلسطينيين وبحماية من “الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”.

العقوبة للعقاب
بعد أكثر من سبعة عقود من الكذب والكذب وارتكاب الجرائم، دون عقاب، لأن الراعي الأمريكي دائما يجد المبررات للأسباب التي أنزل الله من أجلها السلطان، ويحارب أي اعتداء على الحليف الأول بسيف “الفيتو”. (تم استخدام قرار الفيتو 260 مرة منذ إنشاء مجلس الأمن الدولي، وقد فعلت الولايات المتحدة ذلك 114 مرة، منها 80 مرة استخدمت هذا الحق لمنع إدانة حليفتها إسرائيل، و34 مرة ضد القوانين التي تدعمه) حقوق الشعب الفلسطيني.

لكن اليوم، وفي ظل اتهام المنظمات والمحاكم الدولية لدولة الاحتلال بارتكاب جرائم حرب، ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية، ومطالبتها بمعاقبتها، لا يمكن استخدام سلاح “الفيتو” الفتاك في هذه القضايا غير المسبوقة، وأمريكا (الدولة التي تسمي نفسها دولة القانون) لم يعد لها الحق وحقوق الإنسان) إلا لغة التهديد والترهيب، وسن قانون للعقاب.

بعد تهديدات مختلفة من مسؤولين أميركيين موجهة إلى المحكمة الجنائية الدولية، والمدعي العام كريم خان (الذي ذكر أنه أخبره من قبل المسؤولين الأميركيين أن هذه المحكمة أنشئت فقط لروسيا والدول الإفريقية، وليست موجهة للدول الغربية، وطبعا الحليف إسرائيل)، وهجمات على الأمين العام للأمم المتحدة. الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وكل من قال كلمة ضد دولة الاحتلال باتهامه بـ”معاداة السامية”. وافق مجلس النواب الأميركي على مشروع قانون يسمح بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية.

عرض الأخبار ذات الصلة

كما يفرض عقوبات على المحكمة إذا حققت مع أشخاص تحميهم واشنطن أو حلفاؤها أو حاكمتهم. وبالفعل، وبحسب موقع “إنترسبت”، فقد صوت مجلس النواب الأمريكي أيضًا على تعديل لقانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2025 يتضمن بندًا يمنع الولايات المتحدة من تمويل إعادة إعمار غزة، وهذا يوضح العداء الأمريكي . وهي ظاهرة واضحة أمام الشعب الفلسطيني، وانحيازها الصارخ لدولة الاحتلال.

ولم تخف التزامها بحمايتها، رغم كل جرائمها، وزودتها ليس فقط بجميع أنواع الأسلحة والقنابل الثقيلة جدا التي تسقط على رؤوس أطفال ونساء غزة، بل أيضا بالمعلومات الاستخباراتية، بحسب تصريحات لـ مسؤولين من دولة الاحتلال بعد عمليات الرهائن الأربعة في النصيرات، ورغم كل ذلك لا تزال الضربات الموجعة مستمرة. وكان آخر مقاومة جيش الاحتلال استهداف ناقلة النمر ومقتل ثمانية من جنودها، ولن تكون الأخيرة إذا أصر على البقاء في غزة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى