رسالة المجلس الانتقالي الى المجتمع الإقليمي : الجنوب سيظل عنصرًا أساسيًا وشريكًا فاعلًا في أمن واستقرار المنطقة


اصدر المجلس الانتقالي الجنوبي بيان جاء في سياق سياسي وأمني بالغ الحساسية، يتداخل فيه المحلي بالإقليمي، وتتصاعد فيه التحديات المرتبطة بالإرهاب والتهريب وصراع النفوذ في وادي وصحراء حضرموت ومحافظة المهرة. فالمجلس، وهو يتابع البيان الصادر عن المملكة العربية السعودية، يسعى إلى إعادة تأطير تحركات القوات المسلحة الجنوبية بوصفها استجابة مباشرة لمطالب شعبية جنوبية، وضرورة أمنية فرضتها سنوات من الاختلالات المتراكمة.

واكد المجلس الانتقالي، بإن انتشار القوات المسلحة الجنوبية لا ينفصل عن معركة ممتدة ضد الجماعات الإرهابية وشبكات التهريب التي شكّلت، على مدى عقد من الزمن، شريان دعم رئيسيًا لميليشيات الحوثي.

ويؤكد المجلس أن تلك الشبكات لم تقتصر آثارها على الجانب العسكري، بل انعكست سلبًا على الأمن المجتمعي والخدمات العامة ومعيشة المواطنين، ما جعل التدخل الأمني خيارًا لا يمكن تأجيله في سبيل إعادة الاستقرار وحماية مؤسسات الدولة.

وفي مقابل هذا الطرح، يحرص المجلس الانتقالي على إبراز انفتاحه السياسي، مؤكدًا استعداده لأي تنسيق أو ترتيبات مشتركة، شريطة أن تقوم على ضمان أمن الجنوب ووحدته وسلامة أراضيه، ومنع عودة التهديدات الأمنية. هذا الانفتاح، كما يقدمه المجلس، لا يتناقض مع تطلعات الشعب الجنوبي، بل ينسجم مع المصالح المشتركة مع المملكة العربية السعودية، في إطار شراكة إقليمية لمواجهة الأخطار العابرة للحدود.

غير أن التطور الأبرز في البيان يتمثل في موقف المجلس من القصف الجوي الذي استهدف مواقع لقوات النخبة الحضرمية، عقب تعرضها لكمين مسلح في المنطقة نفسها من عناصر مرتبطة بالمطلوب أمنيًا عمرو بن حبريش.

إذ يرى المجلس أن هذا القصف يثير تساؤلات جدية حول جدواه وتوقيته، محذرًا من أنه لا يخدم مسارات التفاهم، ولا يمكن أن يشكّل عامل ضغط يثني شعب الجنوب عن مواصلة نضاله لاستعادة حقوقه السياسية والأمنية.

وفي هذا الإطار، يعيد المجلس التأكيد على أن معركته ضد الإرهاب وقطع إمدادات الحوثيين ليست خيارًا ظرفيًا، بل التزامًا استراتيجيًا يستند إلى حق أبناء الجنوب في حماية أرضهم وتأمين مناطقهم.

ويضع المجلس هذه الجهود ضمن سياق أوسع من الشراكة مع دول التحالف العربي، باعتبار أن التهديدات القائمة تمس أمن الجنوب والمنطقة على حد سواء.

سياسيًا، يجدد المجلس الانتقالي تمسكه بالتفويض الشعبي الجنوبي الممنوح للرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، معتبرًا أن هذا التفويض يشكّل الإطار الناظم لتحركاته السياسية والعسكرية.

كما يبرز البيان حجم الدعم الداخلي الذي يحظى به المجلس، من الحشود الشعبية في الساحات، إلى الوزراء والمحافظين وقيادات المؤسسات العامة والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وصولًا إلى الجاليات الجنوبية في الخارج.

وفي المحصلة، يعكس موقف المجلس الانتقالي الجنوبي محاولة واضحة للجمع بين الحزم الأمني والمرونة السياسية، وتقديم الجنوب كفاعل مسؤول في معادلة الاستقرار الإقليمي، لا كطرف صراع فحسب. وهي رسالة موجهة في آن واحد للداخل الجنوبي، وللشركاء الإقليميين، مفادها أن الجنوب، كما كان، سيظل عنصرًا أساسيًا وشريكًا فاعلًا في أمن واستقرار المنطقة، وأن أي مقاربة تتجاوز هذه الحقيقة مرشحة لإعادة إنتاج الأزمات بدل احتوائها.

زر الذهاب إلى الأعلى