انقراض التعليم … المؤامرة الحقيقية على البلد

كتب /علي أحمد السقلدي

 

ماذا سيشهده القطاع التعليمي خلال السنوات القادم في اليمن
نتيجة الوضع المأساوي الذي وصلت إليه العملية التعليمية في اليمن ،ولاسيما تحطيم حجر الزاوية للعملية التعليمية المعلم وتهميشه وتجويعه وعدم إعطائه حقوقه المشروعة ،وعدم تجليله وتقديسه واحترامه
لا من دولة ولا من طلاب ولا من مجتمع،حيث صار المعلم في الدرك الأسفل في السلم الوظيفي والسلم الاجتماعي ،وأصبح من يحمل مهنة المعلم مهان ومحتقر وتنظر إليه الغالبية العظمى نظرة إزدراء

حيث أصبح المعلم يكره مهنته ليس بإرادته ،بل بإرادة غيره ،والجميع عرفوا أن وظيفة المعلم لاتناسب الوضع والحياة اليوم
لذلك صار كل معلم ينصح أبناءه بعدم الالتحاق في كليات التربية
بل صار الأباء وأولياء أمور الطلاب والمثقفين ينصحون أبناءهم خريجي الثانوية عدم التوجه إلى كليات التربية ليتخرجوا منها معلمين
لذلك سيشهد التعليم خلال المستقبل القريب انقراض وتصبح كليات التربية خاوية على عروشها لا يقبل عليها أحد ، وسيحال المعلمين القائمين على التدريس اليوم منهم إلى التقاعد ،ومنهم إلى قعائد المرض ،وإن بيقي قليلاً منهم في العمل فلا شبق لهم في تأدية المهمة والمهنة والعملية التعليمية ستتساقط أركانها ومحاورها
كما تتساقط أوراق الخريف
وستشهد المدارس غوغاء وتسرب الطلاب والطالبات والتدريس سيصبح منهنة من لا مهنة له
وسيكون عزوفاً حاداً عن التعليم والمدارس التي ستصبح كالسجون
وهناك أسباب أخرى كثيرة جداً ستؤدي إلى انقراض التعليم وينتشر الجهل والتخلف والفتن والجرائم في المجتمع
لكن أصلاً السبب الرئيس في كل هذا هي المؤامرة على البلد لتحطيمه وإدخاله في مستنقع عميق وواسع
لا يستطيع أن يخرج منه بسهولة وبسرعة ولو بعد حين
وأعظم وأكبر وأخطر مؤامرة على البلد ليست التي تبدو اليوم سطحيةوظاهرة للعيان وهي مؤامرة تغذية الحروب،ونشوب الصراعات المسلحة، وتقسيم وتشظي البلد،ولا مؤامرة استنزاف خيرات وثروات البلد وإضعاف إقتصاده ونضوبه
حتى وإن كانت ضمن المؤامرات التي تُحاك على البلد
لكن المؤامرة الحقيقية والعميقة والمكتنة على البلد هي مؤامرة القضاء على التربية والتعليم برمتها وأولها استهداف المعلمين وتجويعهم والتقليل من شأنهم وحرمانهم من حقوقهم ……إلخ

لأن لا يوجد عذر ومصوغ ومؤامرة مباشرة لاستهداف التعليم ،بل هذا غير معقول إن يبينوا ذلك عيان بيان
بل لدى المتأمرين على البلد حجج وأعذار في تدهور التعليم وتجويع وظلم المعلمين وهي أعذار يتخذها الكثير لإقناع المعلمين على أساس
أن البلد يمر بحروب وأزمات سببها صراعات ومليشيات وتمردات هنا وهناك ،وتدهور الاقتصاد فيتطلب من المعلمين الصبر وتقدير الوضع العام وهكذا
فيجعلون من هذه المؤامرات سبباً للمؤامرة على التربية والتعليم وهي المؤامرة الأساسية؛لأن القضاء على التربية والتعليم وتحطيم المعلمين يعني القضاء على كل شيء بالبلد،فيحل التخلف والجهل والفتن والجرائم ويحل السلاح بدل القلم ،وتغيب القيم والإخلاق والمبادئ والثوابت….
والمجتمع المتخلف الذي لايحترم العلم والمعلم ،ويخلو من تربية الأجيال وتنشأتهم التنشأة الصالحة وترسيخ حب الوطن في عقولهم وقلوبهم
لايمكن أن تبنى فيه الأوطان وتتطور وتنهض الشعوب ،ولا يمكن أن يسود الأمن والاستقرار في ربوعه
ولنا من الدولة المتقدمة خير دليل على ما وصلت إليه اليوم من تطور مذهل في كل المجالات ،وأمن واستقرار ووعي وثقافة كله بفضل اهتمامهم بالعلم والمعلمين
وأعظم دليل على المؤامرة على تحطيم التعليم أن هناك دعم وتغذية للحروب ومحتوياتها باستمرار ،بينما دعم التعليم والمعلمين والنهوض بالعملية التعليمية لا يوجد لا من قريب ولا من بعيد ولا يخطر ذلك على عقل رئيس أو زعيم أو جهة أو دولة ،بل لم نجد اجتماعاً للقيادة السياسية خاصاً بالتعليم والمعلم ،ولا مؤتمراً خاصاً بالتعليم
ولذلك يجب أن يعلم الجميع إن تدمير التعليم هو الهدف الأول قبل أي تدمير للبلد؛لأنه الركيزة الأساسية للنهوض بالأوطان وسر أمنها واستقرارها

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى