الذكرى الأولى لاستشهاد البطل قاسم سيف قاسم معبد .. قصة نجاح ومجد خالد

كتب/ د . مصلح قاسم معبد

كلمة في الذكرى الأولى لاستشهاد البطل القائد النقيب/ قاسم سيف قاسم معبد

 

الشهيد البطل/ قاسم سيف بن معبد قصة نجاح ومجد خالد

*الميلاد والنشأة*

 

في ردفان الشامخة بالتحديد (حبيل جبر)، محافظة لحج، ولد الشهيد البطل قاسم سيف قاسم معبد عام 1992، ليبدأ رحلة حياته التي كانت مليئة بالتحديات، وزاخرة بالكفاح والعطاء، والنضال. نشأ الشهيد يتيماً بعد فقدان والده وهو في السادسة من عمره، ليجد نفسه الإبن الأكبر بين إخوانه الذكور والذي تحمل مسؤولية أسرته منذ طفولته، متحدياً قسوة الحياة وضيق العيش، لم ينكسر أمام صعوبة الحياة ، بل حوّل الألم إلى دافع لتحقيق طموحاته، وإلى شعلة اضاءت له الطريق نحو المجد.

 

*رحلة التعليم والتفوق*

 

في مدرسة قريته، برز الشهيد قاسم كطالب متفوق علمياً، محافظاً على مكانته ومستواه التعليمي كأحد أوائل الطلاب المتفوقين في جميع المراحل الدراسية أساسي، ثانوي وجامعي.

 

تلقى الشهيد تعليمه الإعدادي في مدرسة الكرهية للتعليم الأساسي، وأكمل مرحلة الثانوية في ثانوية الفقيد عبد المنتصر ناجي في مديرية حبيل جبر. وبفضل اجتهاده، وتفوقه العلمي التحق بكلية التربية في ردفان، جامعة عدن، تخصص فيزياء-رياضيات، وحصل على درجة البكالوريوس بتقدير جيد جداً العام 2016م.

 

*مرحلة الشهيد النضالية*

 

لم يكن العلم هو المجال الوحيد الذي أبدع فيه الشهيد، فقد كان شاب ناشطاً سياسياً ومن أوائل الملتحقين في صفوف الحراك الجنوبي، مناهضاً للظلم والاستبداد ومستجيباً لنداء الوطن المسلوب الحرية والهوية، وهكذا جمع الشهيد بين التفوق العلمي والنضال الوطني.

 

*المسيرة العسكرية للشهيد*

 

لم تمنعه المسؤولية عن رعاية والدته وإخوانه من مواصلة التحدي، فقد التحق بكلية الطيران والدفاع الجوي بصنعاء بعد اجتيازه امتحان القبول بامتياز. لكن الحرب في اليمن حالت دون إكمال دراسته، ليجد نفسه في صفوف المقاومة الجنوبية، مشاركاً مع المناضلين الأحرار في التصدي للعدوان الحوثي.

 

ولما كان يتميز الشهيد بالشجاعه ومستواه التعليمي ودماثة اخلاقه وصفاته القيادية، كل هذي الصفات جعلته محبوباً بين زملائه أفراد وضباط ورفاقه وكل من عرفه في الحياة، ففرض نفسه بين الكبار، وبمجرد التحاقه بالقوات الخاصة تم تعيينه قائد سرية.

وعند تأسيس اللواء الثاني صاعقة في الضالع، تم استدعاؤه من قبل قيادة اللواء وتم تعيينه أركان حرب الكتيبة الثانية صاعقة، ثم عين بعدها قائداً للكتيبة الثانية صاعقة وظل قائداً للكتيبة حتى لحظة استشهاده.

 

الشهيد قاسم سيف كان نموذجاً للقائد الشبابي المتزن والحكيم والشجاع، ومثلاً يضرب به في الاحترام ولهذا صار محبوباً لدي الجميع، ومقداماً في ساحة القتال، مقدماً روحه فداءً للوطن.

 

*يوم استشهاد الشهيد وعهد ميلاد جديد مع المجد والخلود*

 

في 3 ديسمبر 2023م، ارتقت روحه الطاهرة شهيداً إلى بارئها وهو يواجه العدو في الخطوط الأمامية، مقبلاً غير مدبراً ، تاركاً خلفه إرثاً خالداً من البطولات والمواقف الوطنية السامية. يوم استشهاد البطل قاسم عمت مشاعر الحزن في قلوبنا وقلوب كل من عرفه وعاشروه، فهو لم يكن مجرد قائد، بل كان رمزاً للتضحية والعزة والكرامة.

 

في 5 ديسمبر 2023م، تم تشييعه في موكب جنائزي مهيب يليق بتضحياته البطولية، حيث بكاه الكبير والصغير، الرجل والمرأة، لقد كان للجميع نعم الإبن والأخ والصديق، وبالأصح كان وطناً في شخصه.

 

*الشهيد قاسم إرث لا يُنسى*

 

رحل الشهيد قاسم سيف بن معبد عنا جسداً لكنه سيظل حاضراً في قلوبنا، وسيرته هي الأخرى ستظل خالدة في ذاكرة الوطن، ونبراساً للأجيال القادمة التي ستتعلم منه معاني التضحية والفداء والإخلاص.

 

المجد والخلود للشهيد البطل القائد قاسم سيف قاسم معبد وكل شهداءنا الأحرار الذين ناضلوا من أجل الحرية والعزة والكرامة.

 

الله يرحمه ويسكنه فسيح جناته ويرحم كل شهداء الجنوب.

زر الذهاب إلى الأعلى