دور الإعلام في تحصين الوعي الوطني والتصدي للإعلام المضاد
✍️/ صالح شائف
نود التأكيد هنا والتذكير أيضًا بما سبق لنا الإشارة إليه في موضوعات سابقة؛ بأن الإعلام الجنوبي في حالة حرب حقيقية لا تقل عن بقية جبهات الدفاع والمقاومة أهمية وخطورة ولا تقبل الإسترخاء؛ ومن أن الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها المواطن الجنوبي اليوم؛ أصبحت بيئة خصبة ومثالية لحملات التشكيك والتضليل ونشر الشائعات المنظمة وإثارة نوازع الفتنة بين أهلنا في الجنوب بغية ضرب وحدتهم الوطنية؛ لأن من يعيشون مثل هذه الظروف القاسية والمأساوية التي فرضت عليهم؛ يصبح تجاوبهم وتفاعلهم مع هكذا حملات أمرًا واردًا بكل تأكيد وعلى نطاق واسع.
بل ويصبح هذا عاملًا مؤثرًا ويتقبل معه الناس كل مايتم ضخة عبر شبكات التواصل الإجتماعي كمنصة رئيسية؛ ولا يتوقفون كثيرًا أمام مدى صحتها ومصداقيتها وأهدافها؛ طالما وهي تدغدغ مشاعرهم وتلامس غضبهم بل وتزيده شحنًا وتهييجًا؛ وهو ما يشوش وعيهم ويخلط عندهم الأمور وبما لا يميزون حينها بين الأسباب ومن يقف خلف كل معاناتهم.
وعلى هذا الأساس فهم وبنتيجة حملات التضليل الممنهجة هذه وسيل الشائعات المتنوعة؛ والتي صارت أكثر إتقانًا وخبثًا وتناغمًا مع ما تبثه بقية وسائل الإعلام المعادية للجنوب ولقضيته الوطنية؛ وهي بمجموعها تستهدف عزل المجلس الانتقالي الجنوبي عن حاضنته الشعبية؛ عبر تحميله كل المسؤولية عن سوء الأوضاع.
ودون شك بأن الانتقالي يتحمل جزءًا كبيرًا من المسؤولية بحكم ( شراكته المؤقتة ) القائمة التي فرضتها الظروف مع الشرعية؛ ولكنه أيضًا وفي نفس الوقت يقف في صدارة المشهد الوطني دفاعًا عن حقوق الجنوبيين وقضيتهم الوطنية؛ ويسعى جاهدًا لتخفيف المعاناة عنهم وبقدر ما تسمح به الظروف القاهرة المحيطة بعمله ونشاطه؛ بسبب سياسات وتدخل الثلاثي المتمثل ( بالحلفاء والشركاء والرعاة ) والمشرعن دوليًا؛ وتكاد تكون هذه الأمور معروفة لأغلب الناس؛ غير أن البعض رغم معرفتهم بذلك يتجاهلون هذه الحقيقة ويقفزون عليها.
ولذلك فإن جهدًا سياسيًا وإعلاميًا مضاعفًا ومتواصلًا وبالإعتماد على لغة الإقناع؛ لأمر مطلوب اليوم وبإلحاح لإيضاح الحقائق للناس والإعتراف بالأخطاء والإقدام وبشجاعة على تصحيحها كضرورة للتغيير؛ وجعل الإعلام جبهة رئيسية في مواجهة الحرب ضد الجنوب؛ وعلى نحو أكثر إدراكًا لطبيعة الحرب الإعلامية؛ والإمساك بالأدوات الضرورية والفعالة والمناسبة ليخوض بها الجنوب معركة الحرب الإعلامية بنجاح.
ففي ذلك تكمن الضمانة الأكثر حضورًا في تحصين الوعي الوطني الجنوبي؛ بعيدًا عن المبررات وسطحية الحماس والخفة في توظيف الشعارات خارج سياقها ودورها في هذه المرحلة؛ وإعتماد سياسة إعلامية ممنهجة وبضوابط ورقابة حصيفة وإشراف واعي وبخطط مدروسة لا مجال فيها للعشوائية والأمزجة.
ولعل الأهم في كل ذلك هو إفساح المجال للكوادر الإعلامية – السياسية المتمكنة والمؤهلة وبخلفيات وتجربة سياسية ناضجة؛ من المشاركة في قيادة هذه المعركة الخطيرة وعلى مختلف الوسائل والمستويات؛ وبخطاب إعلامي ناضج يعتمد على الفكر والتاريخ والحقيقة والمنطق؛ مع عدم التضخيم والمبالغة عند تناول مختلف القضايا والأحداث.
وأخيرًا لابد من الإشارة هنا إلى أهمية وضرورة الإعتماد على وسائل ومؤسسات الإعلام الأهلي الوطني ومختلف المواقع الجنوبية الجادة؛ وتقديم الدعم اللازم لها جميعًا؛ وبما هو ممكن ومتاح لتادية دوره التنويري في هذه الظروف الإستثنائية؛ فالإستثمار في الإعلام اليوم لايقل أهمية عن الإهتمام ببقية جبهات المواجهة مع أعداء الجنوب.